التعويض عن الضرر المعنوي في النظام القانوني السعودي
أحمد محمد الحاجي
لا خلاف بأن التعويض عن الضرر المعنوي في المعاملات المدنية كان محل جدل واسع بين الفقهاء لفترة طويلة، إذ لم تكن فكرة التعويض عن الأضرار المعنوية مقبولة نظراً لصعوبة تقديرها، واستمر الحديث حول هذا الموضوع كثيراً حتى جاء نظام المعاملات المدنية بالمرسوم الملكي رقم (م/191) وتاريخ (29/11/1444هـ) وحسم الخلاف إذ نص النظام في المادة (138) نص على التالي:” يشمل التعويض عن الفعل الضار التعويض عن الضرر المعنوي ” واستكملت الفقرة الثانية من ذات المادة ما يشمله الضرر المعنوي حيث نصت على ما يلي: ” يشمل الضرر المعنوي ما يلحق الشخص ذا الصفة الطبيعية من أذى حسي أو نفسي نتيجة المساس ببدنه أو بحريته أو بعرضه أو بسمعته أو بمركزه الاجتماعي ” وتجدر الإشارة إلى أن المقصود بالشخص ذا الصفة الطبيعية هو الانسان بشخصه لا بجهة عمله، مما يلزم معه القول بأن المادة سالفة الذكر قد حصرت التعويض بالشخص لا لجهة عمله.
يتبين من خلال ما سبق بأن المشرع أجاز التعويض عن الضرر المعنوي في حال وجوده؛ ويبقى السؤال ما هي ضوابط التعويض عن الضرر المعنوي؟
وقبل الخوض في ضوابط التعويض، لا بد لنا من الإشارة إلى معنى التعويض، والذي قد عرفه الفقهاء المعاصرون بأنه “المال الذي يحكم به على من أوقع ضررًا على غيره في نفسٍ أو في مالٍ ” ونستنج من ذلك بأن التعويض في حقيقته هو جبر للضرر الذي لحق بالمتضرر نتيجة للفعل الضار الواقع عليه.
الضوابط المشار اليها تتمثل بوجود خطأ من شخص تجاه شخص آخر وأن يكون هذا الخطأ قد نتج عنه ضرر حسي أو نفسي نتيجة المساس ببدنه، أو بحريته أو بعرضه أو بسمعته أو بمركزه الاجتماعي وذلك إعمالاً للفقرة الثانية من المادة الثامنة والثلاثين بعد المائة من نظام المعاملات المدنية؛ كما انه لابد أن تكون هناك علاقة سببية بين الفعل الخاطئ والضرر الناتج بحيث يكون الضرر هو نتيجة مباشرة وحتمية للفعل الخاطئ، ولما جاء في الفقرة الأولى من المادة الثالثة من نظام الإثبات التي نصت على أن “البينة على المدعي واليمين على المنكر،” فهذا يطرح التساؤل التالي: كيف يمكن إثبات الضرر المعنوي. تجدر الإشارة إلى أن المقصود بعملية الإثبات هي كل وسيلة توصل إلى الحقيقة وتبين واقع ما حدث، بناء على ما ذهب اليه بعض الفقهاء، ومن وسائل الإثبات، الإقرار لفظًا أو كتابةً وشهادة الشهود وقرائن أخرى. والمشرع أتاح إثبات الدعوى بأي من تلك الوسائل عملاً بالأحكام الفقهية المعروفة، مع الأخذ في الاعتبار أن لكل واقعة أحكامها وظروفها إذ لا يمكن الجزم والتقيد بأساليب معينة للوصول إلى الحقيقة.