بشائر الوطن

الجينوم السعودي : اكتشفنا 1230 مرضاً وراثياً نادراً

بشائر: الدمام

في الوقت الذي تعزز السعودية رغبتها في الاهتمام بإطالة العمر الصحي للمواطنين السعوديين حتى سن الـ80 عاماً، عبر برامج القطاع الصحي، فإنه يبرز لافتاً في الإطار قدرة برنامج الجينوم السعودي في الحد من انتشار الأمراض الوراثية عن طريق فك الشفرة الوراثية للسعوديين، وإنشاء قاعدة بيانات لتوثيق أول خارطة وراثيـة للمجتمــع الســعودي، وبهذا كله تعزز السعودية إسهاماتها في تطويـر الطب الشخصي، وبالتالي تنعكس آثار البرنامج علـى صحـة أفـراد المجتمـع بطريقــة مباشــرة إذ يمكن للمعلومات الوراثيــة الخاصة في المجتمع السعودي أن تستخدم في عمليات الكشف والتشــخيص عــن الأمــراض الوراثية والوقاية منهــا، وتحسين طرق العلاج، والكشف المبكر أو قبــل الإصابــة ببعض الأمـراض المزمنـة مثــل: ســرطان القولــون والثــدي وأمــراض القلـب والأمـراض العصبيـة، بالإضافـة إلـى الطـب الشـخصي.

وكشفت الدكتورة بتول الباز، نائب رئيس مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية لقطاع الصحة، لـ”العربية.نت” أن مشروع الجينوم السعودي استطاع جمع 60,000 عينة حيوية، فيما وثّق 7,500 طفرة جينية مرتبطة بأمراض وراثية، بما في ذلك 3,000 طفرة جديدة مكتشفة في السعودية، مكتشفاً 1,230مرضًا وراثيًا نادرًا في المجتمع السعودي، فضلاً عن استخدام 25 مجموعة جينية لتحليل هذه البيانات.

الجينوم وإطالة العمر

ويرتبط برنامج الجينوم السعودي بمستهدف رؤية السعودية 2030 في إطالة معدل العمر لدى المواطن السعودي إلى 80 عاماً، فبينما يبرز تحدي الأمراض الوراثية والجينية كونها أمراضا مزمنة تستدعي رعايــة دائمــة ممـا يترتـب عليهـا تأثيـرات نفســية و اجتماعيــة، فإن الجينـوم السـعودي يكشـف عـن المتغيـرات المسـببة لهــذه الأمـراض الوراثيــة عبر تطوير التقنيات المتخصصة لإجراء الفحوصــات الوراثيــة والجينيــة، مما يحد مـن الإصابة بهـذه الأمراض والوقايــة منهـا بمــا ينعكــس إيجابــا علـى جـودة الحيــاة ورفــع مســتوى الوعــي لــدى أفــراد المجتمــع.

الجينوم ومسببات الأمراض

في هذه الأثناء، تقول الدكتورة بتول الباز، نائب رئيس مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية لقطاع الصحة، إن السعودية بادرت في دراسة وفك الشفرة الوراثية للمجتمع السعودي ومعرفة الطفرات والصبغات الوراثية المتواجدة التي تسبب الأمراض الوراثية، وذلك عبر المختبر المركزي للجينوم البشري السعودي، للبحث عن مسببات الأمراض غير المعروفة.

قاعدة بيانات وراثية

وأشارت الدكتورة بتول الباز إلى أن برنامج الجينوم السعودي يحد من الأمراض الوراثية عن طريق فك الشفرة الوراثية، والتعرف على الطفرات في الجينات المسببة لتلك الأمراض، فضلاً عن إنشاء قاعدة بيانات جينية لتوثيق أول خارطة وراثية للمجتمع السعودي؛ مؤكدة أن قاعدة البيانات تستوعب فهم أنماط الأمراض الوراثية والحد من انتشارها، وتكتشف المتغيرات الجينية، كما تستفيد منها في تطوير أدوات التشخيص والوقاية من الأمراض الجينية مما يعزز الصحة العامة.

الاستفادة من المعلومات الوراثية

وفي إطار شرحها لأهداف الجينوم السعودي، توضح الدكتورة بتول الباز أن المشروع يُمكّن العلماء والباحثين من الاستفادة من المعلومات الوراثية، فضلاً عن تأسيس بنية متقدمة في مجال الجينوم والمعلومات الحيوية، كما يطبق بروتوكولات علاجية دقيقة مبنية على المعلومات الجينية للمريض، ويمنح القدرة على استخدام تقنيات الترميز للجينوم من الجيل القادم، وتأهيل وتدريب الكوادر الوطنية في مجال علم الجينوم.

صحة الإنسان أولوية

وبينت الباز أن “كاكست” – مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية – تعد المختبر الوطني في السعودية للجينوم السعودي، إذ تتبنى وتنقل وتوطن التقنيات التي تُحسن الصحة العامة وتحقق مستهدفات رؤية السعودية وتطلعاتها الوطنية للبحث والتطوير والابتكار من أجل وضع صحة الإنسان في مقدمة أولوياتها، مستهدفة الوصول إلى حياة صحية أفضل لجميع أفراد المجتمع عبر مواجهة أهم التحديات الصحية، فضلاً عن إيجاد حلول جذرية للأمراض المزمنة وغير المعدية، وتوفير أعلى معايير الرعاية الصحية، وإمداد العالم بأحدث التقنيات الدوائية القائمة على التقنية الحيوية.

وحول عملية جمع العينات الحيوية بالتعاون مع عدة مختبرات طرفية، تبين الدكتورة بتول أن العينات تُرسل إلى المختبر المركزي للجينوم السعودي في “كاكست” لاستخلاص الحمض النووي، وبعدئذ تُحضر المكتبات الجينية للعينات وتستخدم تقنيات تسلسل الجينوم الكامل (Whole Genome Sequencing)، التي تعتبر من تقنيات الجيل الثاني، لتحليل التسلسل الوراثي، لافتة إلى أن هذه البيانات الوراثية توفر الفرصة لمحللي البيانات للتعرف على الخريطة الجينية والكشف عن المتغيرات الوراثية الناتجة عن الطفرات، مما يسهم في بناء قاعدة بيانات وراثية شاملة للمجتمع السعودي.

التعاون مع المؤسسات العالمية

وبسؤالها عن خطط لتوسيع نطاق المشروع ليشمل دولًا أخرى أو التعاون مع مؤسسات عالمية، أجابت بالتأكيد على أن مشروع الجينوم السعودي يهدف إلى التعاون مع المجتمع الدولي والمساهمة في التقدم الطبي بهذا المجال بما يخدم البشرية جمعاء وكذلك التعاون مع المؤسسات العالمية الرائدة لضمان تبني أحدث الممارسات ونقل وتوطين أحدث التقنيات.

تطوير الطب الشخصي

من جهته، كشف نائب المدير التنفيذي لمركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية ورئيس قسم الوراثة والطب الدقيق بالحرس الوطني الدكتور ماجد الفضل لـ”العربية.نت” أن برنامج الجينوم السعودي لا يركز على أمراض وراثية محددة فحسب إنما يشمل جميع الأمراض الجينية والوراثية بالإضافة إلى التغيرات الطبيعية، قائلاً: لكي نفهم الموضوع بشكل دقيق؛ فإن التركيبة الجينية للأفراد الطبيعيين تختلف من شخص إلى آخر؛ إذ إن كل شخص يتمتع ببصمة جينية طبيعية تختلف بدرجة معينة عن الشخص الآخر، وعبر البرنامج يجري تحليل التسلسل الوراثي للأفراد والتعرف على المتغيرات الجينية، ومن ثم إدخال البيانات في قاعدة بيانات وراثية متكاملة يُستفاد منها في تحليل وتفسير النتائج التي تخرج من التحاليل الوراثية؛ مما يسهم في تشخيص الحالات غير المشخصة، وتطوير وتمكين الطب الشخصي.

التكلفة المرتفعة

وأشار الدكتور ماجد الفضل إلى أن برنامج الجينوم السعودي تمكّن من الوصول إلى البيانات الجينومية، غير أن التكلفة المرتفعة لتحليل الجينوم والتقنيات المستخدمة تعد ضمن أهم التحديات التي تواجه مشروع الجينوم، إذ تزيد التكلفة المباشرة لتحليل تسلسل الجينوم البشري للشخص الواحد عن أربعة آلاف ريال، مشيراً إلى أن برنامج الجينوم السعودي يستخدم أحدث الأجهزة المكتشفة حاليًا في العالم في مجال تحليل الجينوم مثل تقنية تستخدم تسلسل الايكسومات وكامل الجينوم لاكتشاف التغيرات الجينية للشخص الواحد والتي تقدر بـ 5 ملايين متغير جيني.

خصوصية وأمان

وأضاف الدكتور الفضل: اعتمدت السعودية أنظمة وسياسات حماية البيانات الشخصية الصارمة من أجل ضمان حماية خصوصية المستخدمين، وتتضمن هذه الأنظمة واللوائح نظام حماية البيانات الشخصية والصادرة بالمرسوم الملكي رقم م/19 وتاريخ 9/2/1443هـ، والمبادئ الأساسية لنظام حماية المعلومات الشخصية والأحكام العامة لنظام مشاركة البيانات الصادرة عن الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي، ومكتب إدارة البيانات الوطنيةوبرنامج الجينوم السعودي يتبع هذا النظام في جميع إجراءاته، بما في ذلك الحصول على الموافقة المستنيرة من المشاركين أو الأوصياء في حالة القُصّر أو ذوي الإعاقة. بالإضافة إلى ذلك تُرمز البيانات الشخصية وإدخالها في بنك حيوي آلي يضمن حماية المعلومات الحيوية والشخصية بشكل آمن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى