أقلام

احمِ نفسك!

حسام الزيلعي

إن عدم احتمال وقوع أسوأ النتائج في حياتنا يوقعنا في خيبة امل كبيرة، ورفعنا لسقف التوقعات يزيد الامر إحباطًا وسوءًا، وإن حجم الألم وخيبة الأمل ستكون بنفس حجم المسافة بين توقعك والواقع الذي ستصطدم به، فكلما كانت المسافة بينهما كبيره كان ألمك أكبر. فعلى الإنسان أن يضع دومًا إمكانية حدوث كل امر سيء لا يتوقعه لكي يحمي نفسه من التأثير السلبي المصاحب له.

إن الطالب الذي يستعد لامتحان ما، يجب عليه بلا شك أن يجتهد ويطمح للدرجات العليا، ولكن إذا لم يضع في حسبانه أن كل موازين الاختبار قد تختلف عما استعد له، وانه من الممكن أن تكون درجته متدنية حينها سيصاب بألم ذلك؛ أكثر من الطالب الذي توقع هذا السيناريو. ومن يتقدم لوظيفة يحلم بها ويرفع سقف التوقع إلى أن مسألة قبوله ماهي إلا مسألة وقت فإني لأشفق عليه إذا ما كانت النتيجة مغايرة لتوقعه. ومثال آخر هو ذلك الذي يتقدم لخطبة فتاة فيصعق لرفضهم له وخسارته لها لأنه لم يتوقع حدوث ذلك أبدًا.

حتى في مسائل الابتلاءات وفقد الأحبة التي هي أعمق ألمًا وحزنًا ينبغي النظر في كل ذلك بواقعية أكثر ووضع توقع متزن لكل احتمالات الفقد والبلاء. وأننا قد نفقد عزيزًا وقد نبتلى في أحب الأشياء لنا وأننا لن نتمتع بوجود أبائنا كثيرًا، وأن الابتلاء قد يحل بك في أية لحظة، ولو تلاحظ أن من يفقد والده بعد مرض طويل تكون معاناة الفقد أقل أثرًا لأنه وضع توقعًا منطقيًا لحدوث ذلك.

إنها ليست دعوة للتشاؤم بل على العكس، اجتهد واعمل وكرَس كل قواك فيما ترغب الحصول عليه وتمتع بصحتك وبوجود والديك وأبنائك حولك، ولكن كما يقول المثل الشعبي: لا تضع كل البيض في سلة واحدة.. فتخسره كله إذا وقع منك. فبالتالي من غير المنطقي غض النظر عن كل الاحتمالات الممكنة، ولا بد ان تعطي نفسك مساحة آمنة تحمي نفسك فيها إذا حلت بك الشدائد والمصاعب بقبولك وتوقعك لحدوث كل مجريات الحياة، فإن هذه المنهجية هي درع حماية لك في كل ما قد يصيبك مستقبلًا بمشيئة الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى