بشائر الوطن

تعليقات تتقاطع مع جرائم التشهير والمعلوماتية

عدنان الغزال : الدمام

بالرغم من أن التعليقات التي يذكرها الأفراد إلكترونيا على مواقع التواصل وعلى محرك البحث «قوقل» فيما يتعلق بعمل الجهات الرسمية تعد وسيلة قيّمة للكشف عن أوجه القصور التي قد تطال عمل تلك الجهات، فإن بعضها قد يتقاطع في حال عدم الانتباه الكافي إليه مع الأفعال المجرمة مثل التشهير والجرائم المعلوماتية التي توقع صاحبها تحت طائلة المساءلة، وتخرج ملاحظته من كونها تتلمس نقاط الضعف، وتستهدف النقد البناء الذي يجب أن يصل إلى المسؤول بالطرق الصحيحة، لتصل إلى مستوى التعدي على حقوق الآخرين أو التشهير بهم، أو إشاعة الفزع في المجتمع.

وتعد التقييمات، بما فيها تلك السلبية مؤشرات واضحة للمسؤولين حول النقاط التي تحتاج إلى تحسين، سواء كانت تتعلق بتدني مستوى الخدمة، أو بنقص في الاستجابة، أو حالات التعدي وارتكاب أفعال غير نظامية، أو حتى بتعاملات الإدارة مع الأفراد.

وتعد هذه الملاحظات جزءًا أساسيًا من عملية تحسين الجودة في المؤسسات الرسمية، حيث يمكن للجهات المعنية استغلال هذه التعليقات في تعديل السياسات وتطوير الخدمات المقدمة.

وتؤخذ هذه التعليقات على محمل الجد، خصوصًا فيما يتعلق بالمخالفات الخطيرة، ويتم التعامل معها ومعالجتها فورًا، لكن بعضها قد لا ينجو دائمًا من زج صاحبه في إطار الأفعال المجرمة إلكترونيًا.

معالجة المشكلات

يؤكد المحامي، المستشار القانوني محمد عبدالله العطية لـ«الوطن» اهتمام السعودية بمتابعة ورصد التعليقات السلبية على منصات التواصل الاجتماعية، وكذلك على محرك البحث «قوقل»، وقال «تتعامل الجهات الرسمية مع التعليقات بجهد احترافي يستهدف تحسين الجودة، وفي ظل التحول الرقمي الذي تشهده المملكة أصبح الإنترنت وسيلة أساسية للتفاعل بين المواطنين والمرافق الحكومية، ومع تزايد استخدام محركات البحث ومنصات التقييم مثل «قوقل» من قبل الأفراد لتقييم الخدمات المقدمة، أصبح من الضروري أن تولي الجهات المعنية في المملكة اهتمامًا خاصًا بالتعليقات السلبية التي قد تُسجل على هذه المنصات، وهذا الاهتمام يعكس سعي المملكة الدائم نحو تحسين جودة التعليم والارتقاء بالمنظومة الرسمية عبر الاستجابة المهنية للملاحظات السلبية والعمل على معالجة المشكلات».

تغذية راجعة

يضيف العطية «تعد التعليقات سواء على قوقل أو أي منصة اجتماعية أخرى، مؤشرًا مهمًا لقياس رضى الجمهور عن أداء الأجهزة الرسمية، ولكنها ليست الوحيدة، فقد أعدت حكومة المملكة أكثر من معيار لقياس جودة أداء الأجهزة الرسمية، ومنها الاتصال المباشر مع المستفيد عبر أرقام مخصصة لتلقي الشكاوى والاقتراحات على مدار الساعة، ويتم الاهتمام بها ومعالجتها فور حدوثها وقبل أن تتحول إلى مشكلة أكبر، ومن ثم يستخدم معيار آخر لقياس رضى الجمهور وهو التغذية الراجعة ومدى رضى الجمهور عن الحل».

مكامن الضعف

أبان العطية أن «تلك الخطوات المهمة التي تتخذها المملكة في قياس رضى المواطن والمقيم عن عمل الجهاز الحكومي عبر قنواتها المختلفة من مراقبة منصات التواصل الاجتماعية أو التواصل المباشر مع المستفيد جعلت من النقد البناء أسلوب حياة لمعرفة مكامن الضعف، وأيضًا تعد من أدوات المراقبة الداخلية على عمل الأجهزة، مما يعطي فعالية ومرونة أكبر للتواصل مع المستفيد، وعند رصد التعليقات الموجودة على منصات التواصل الاجتماعي، فإن الجهات المعنية تقوم باتخاذ الإجراء المناسب لمباشرة الحادثة، والتي قد تتمثل في إنشاء فريق عمل يضم الجهات المعنية لتقصي الحقائق ومعالجة المشكلة قبل تحولها إلى أزمة، ومن أهم تلك الفرق والتي تبادر للتحقيق في تلك الحوادث التي يتم نشرها على منصات التواصل أو التي تصل إلى الجهات المعنية بطرق أخرى تلك التي تشكل من إمارة المنطقة المعنية ووزارة الموارد البشرية والشرطة، وقد تحوي عناصر من قطاعات أخرى حسب الحالة، حيث تقوم بالتحقيق المباشر في المشكلة وحلها بأسرع طريقة وأخف الأضرار الممكنة مع الحفاظ على السرية التي تضمن عدم تعرض الأطراف للأذى النفسي ما لم تستدعي الحالة التشهير بالمتسبب في المشكلة بأمر قضائي».

افتعال الزوبعة

يواصل العطية «يجب التنبيه على مشكلة دائمة التكرار في الأزمات التي تقع في بعض المجتمعات، ألا وهي النشر دون سند نظامي، فنشر الأخبار أو الحوادث دون سند نظامي يعد جريمة، فقد تكون تشهيرًا وجريمة معلوماتية، ومنها ما يفتعل زوبعة في المجتمع من لا شيء، وعليه نشدد على أن التواصل مع الجهات المعنية وإعطاءها المقاطع أو الشكاوى والمقترحات مباشرة دون حشر غير المختصين في المنتصف من الأمور الضرورية لحل الأزمات دون افتعال البلبلة وزيارة المشكلة وإطالة أمد الحل».

وتابع «تولي المملكة اهتمامًا خاصًا بكيفية التعامل مع التعليقات السلبية بطرق مهنية تبني الثقة بين الجهة المعنية والشاكي، وفي بعض الحالات، قد تتطلب التعليقات السلبية اتخاذ خطوات إضافية من قبل المتضرر أو المتذمر، مثل تقديم شكوى رسمية أو التحدث إلى المسؤولين».

تحديات غير الموضوعي

يبين العطية على أنه «بالرغم من الجهود الواضحة التي تبذلها المملكة لتحسين التفاعل مع التعليقات السلبية، فإن هناك بعض التحديات التي تواجه هذا المحنى، ومن أبرز هذه التحديات التعامل مع التعليقات غير الموضوعية أو التي تحتوي على معلومات مغلوطة، وهو ما يتطلب دقة في الرد وضرورة تحقيق التوازن بين التصحيح وإظهار الإلتزام بتحسين الوضع، وفي المستقبل، من المتوقع أن تشهد المملكة مزيدًا من الابتكارات في مجال تقنيات التحليل الرقمي والتفاعل مع التقييمات، مما سيسهم في تعزيز عملية تحسين الجودة من خلال التعامل مع الآراء السلبية بشكل أسرع وأكثر دقة».

المراقبة اللحظية

من جهتها، توضح ساره الزعبي «ممثل منشأة بصمة أمان للأمن السيبراني» أن ثمة جهات تعنى بالمراقبة اللحظية لاكتشاف مخالفة المنشور إلكترونيًا للشروط التي يتطلبها مقدم خدمة النشر، أو للأنظمة المحلية، وتشير إلى أن فريق بصمة أمان على سبيل المثال يقدم مثل تلك الخدمة على مدار الساعة وطيلة أيام الأسبوع لاكتشاف تلك المخاطر، من خلال تحليل 200 مليون مصدر مفتوح للمعلومات عبر الانترنت، بينها مواقع الأخبار المحلية والعالمية، والصحف والمدونات ومنصة (إكس) وفيسبوك وانستجرام (بشكل لحظي)، وأيضًا المراقبة الاعتيادية مثل منصة «قوقل» وغيرها من المنصات، وفي حال تم التحقق من مخالفة المنشور الذي تم نشره لشروط مقدم الخدمة (أي المنصة التي ينشر عليها المنشور المعني) والأنظمة المحلية ذات العلاقة، يتم التعامل بالطرق النظامية والفورية، والتدخل بشكل عاجل وسريع لمعالجة هذه المخاطر، حيث يتم السعي إجرائيًا لحذف المحتوى المخالف، وحذف المنشورات المسيئة، وحذف الصور، وحذف الفيديوهات، وذلك من خلال كادر وطني لديه خبرة بالتعامل مع الأذى الإلكتروني وغير القانوني، وذلك وفق الشروط والأحكام، مع إرشاد طالب الخدمة إلى الجهات المختصة بما يواجهه من أذى إلكتروني.

القنوات التقليدية

تقول الزعبي إن المقصود بالقنوات، هي وسيلة التواصل التقليدية (إيميل أو قسم للشكاوى) بين مقدم الخدمة والمستفيد منها (طالب الخدمة)، وبالتالي فتح القنوات التقليدية لا تكفي في العصر الحالي، ونوصي باستخدام التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة لمراقبة كل ما يُكتب عنك أو لجهتك في الإنترنت عبر العام، لأنها أصبحت مفيدة جداً في عصرنا الحالي لمراقبة الإنترنت وحماية وتحسين السمعة الرقمية، وبكفاءة ونتائج مذهلة؛ لاكتشاف كل ما ينشر عن الجهات، حيث تفيد الجهات الرسمية للاستفادة منه وتلقي الملاحظات والتعليقات بشكل لحظي حيال ما يتم نشر محتويات تخصها بشكل لحظي، ومن ثم التدخل بمعالجته من خلال المختصين والمعنين وأصحاب القرار لتطوير إستراتيجيتهم والتحسين من أدائهم بشكل مستمر وحماية السمعة الرقمية.

المصادر المفتوحة

تبين الزعبي أن الرصد والمراقبة اللحظية أمران مهمان جدًا في العصر الحالي لما يتم نشره في المصادر المفتوحة عبر الإنترنت، وذلك لمعرفة التهديدات التي تواجه الجهة ومنسوبيها من ابتزاز إلكتروني وتشهير وتنمر ونشر محتويات مسيئة ونشر مقاطع وصور ومستندات سرية وغيرها.

أشكال لتقاطع التعليقات مع جرائم التشهير والإساءة

ـ النشر دون سند نظامي

ـ افتعال زوبعة في المجتمع من لا شيء

ـ تجاهل التواصل المسبق مع الجهات المعنية وإعطائها المقاطع أو الشكاوى والمقترحات مباشرة

ـ محاولة تجييش غير المختصين للإساءة للجهة المعنية

ـ التعليق بطريقة غير مهنية لتكريس هدم الثقة مع الجهة المعنية

وسائل ترصد فيها الجهات الرسمية القصور في أعمالها

ـ متابعة التعليقات سواء على قوقل أو أي منصة اجتماعية أخرى

ـ الاتصال المباشر مع المستفيد عبر أرقام مخصصة لتلقي الشكاوى والاقتراحات

ـ الاهتمام بالمشكلة المعروضة ومعالجتها فور حدوثها

ـ إتاحة التبليغ للأفراد عن المشكلات التي تواجههم مع الجهة المعنية

ـ تمكين المبلغ من متابعة حالة بلاغه

ـ التغذية الراجعة وقياس مدى رضى الجمهور عن الحل

مفهوم التشهير الإلكتروني

ـ هو النيل من سمعة الشخص أو اعتباره وذلك بعبارات جارحة من شأنها تسيئ إلى سمعته أو تحط من كرامته ومقامه في عيون الآخرين، أو تعرضه لسخريتهم نقضهم واحتقارهم أو تؤذيه، أو هي قذف وتشويه سمعة الآخر.

ـ قصد الإساءة والسب والقذف أو نشر أخبار كاذبة عن الآخرين على وسائل التواصل الاجتماعي، وانتهاك حرمة الحياة الخاصة والإضرار بسمعة الأفراد من خلال استخدام أي وسيلة تكنولوجية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى