مشاغبات شعرية
رباب حسين النمر
الإخوانيات نوع لطيف من الشعر يتداوله الشعراء فيما بينهم حين يتحدثون بلغة القوافي، ويتحاورون شعرًا، بيتًا ببيت، وقافية بقافية، فتبرز فتنة إبداعهم، وتظهر عضلات تمكّنهم من فنهم جلية للعيان، ومن ذلك ما كتبه الشاعر عبد الله جعفر آل إبراهيم مداعبًا صديقه الشاعر عقيل المسكين، متكئًا على لغة مجازية، جاعلًا من الشعر قرص خبز. يقول آل إبراهيم:
قرص الشعر
قد قال لي يومًا (عقيلٌ) أنت مَن
يحلو به التشطير و التخميسُ
شطِّر و خَمِّس كيف شئتَ فأنت في
فن القريض مُفَوَّهٌ نَبريس
ضع في معاني ما تشطر لمسةً
يحلو بها التأصيل و التأسيس
واترك من الألفاظ كلَّ وساوسٍ
قد جاء للشعرا بها إبليس
كالنثر إذ سمَّوه شعرًا إنه
قول يفوح بحَرفه التدليس
قول بعيد عن أصول جذورنا
رام الجوارَ فردَّهُ التجنيس
خمِّس فديتك يا أخي إن الذي
خمَّستَ فِكرٌ ممتع ملموس
فِكر جدير أن يقال له ابتسم
فالثغر منه ملألأ محسوس
فِكر يفوح الورد من أقداحه
فالورد في أقداحه مغموس
فِكر يسيل على المسامع سُكرًا
يكفيكَهُ الملعوق و الملحوس
فاصنع لنا منه الرغيفَ فإنه
في الكأس لذَّ به لنا التغميس
قدِّم لنا الأبياتِ قرصا قد زكا
لم يعملَنْ سوءًا به التدنيس
شطِّر و خمِّس قرصَ شعرك ناضجًا
وابعث لنا يا أيها المأنوس
وتفاعلت مع الأبيات الشاعرة رباب النمر ولا سيما مع فكرة التعبير عن الشعر بقرص الخبز، فقالت:
الشعر خبزُ المبدعينِ بفرنهم
هشًّا يقرمشُ طيّبًا محموسا
ويدللون الطالبين بحسنهِ
ليكون بين الطيباتِ عريسا
يتفنن الشعراء في إعداده
ويرققون عجينه تأسيسا
بالتمرِ قد مزجوه في ألفاظهم
وعليه ذروا سمسمًا مهروسا
يا حبذا خبزَ القصيدةِ طازجًا
بين الموائدِ صاحبًا وجليسَا
يقفون صفًا في الصباحِ لنيلِه
يتنفسون أريجه مأنوسا
يهوون رائحة الرغيف إذا دنت
منه الأيادي ساخنًا ملموسا
أرأيت خبز المبدعين، جماله
طبقُ المجازِ بدفئه مغموسا