أقلام

لا طعم للحياة.. كيف لا يوجد ماء وأنا على ضفاف المحيط الهندي ؟!

مهدي بن عمران المبروك

لتتعرف على إجابة هذا السؤال المثير، تعال معي في جولة مقتضبة حول أدب الرحلات لنلقي نظرة على كتاب غربة بطعم كارتالا، رحلة من الأحساء إلى جزر القمر بقلم الأديب الدكتور عبدالله بن علي الخضير.

تشكل مقدمة الكتاب، سياحة وجدانية وثقافثة مكثفة على شواطئ أجناس الأدب وكبار الأدباء وغوص حر في أعماق ما وراء كتابة هذه الرحلة التي انطلقت من طبينة النخل مرورا بلاينات ابقيق ودعاء الأم في مصلاها واشفاق المحبين والهواجس النفسية إلى الأرخبيل الأخضر حيث المال والاستثمار والبعوضة والملاريا والدبك والتمر والأحسائي والقُبلة !

تكمن بين ثنايا سردية الغربة وجمال الوصف، “كتلة من المشاعر الجياشة” و”حالة من الانتماء الإنساني الناضح” تجبر القارئ على أن يسعد لسعادة الدكتور الخضير حتى يقهقه وتدمع عيناه من الضحك تارة وييخشع قلبه ويقشعر بدنه وبكي لبكائه تارة أخرى.

تتجلى في صفحات الرحلة عادات وطباع وسمات القمريين حتى تشعر أنك وصلت الى موروني ورأيت كارتالا وشممت عبق اللوتس وسمعت الأصوات تتعالى مرحبة بالعرب، مرابو! مرابو! مرابو!

يظن الكثير أن السفر والرحلة والغربة هي فرصة لاكتشاف الآخر ولكن الدكتور الخضير يأكد لنا أمرا آخر باكتشاف الأنا وسماتها وصقل مهارتها وتهذيب سلوكها وربما تعليمها الطبخ أيضا !

تتشكل لدى قراء هذا الكتاب، من تدريبات السيدة ألماس وبيت الهندي ابراهيم والسواق مامادو وطقوس القراند مارياج وسوق الفولوفولو وفي كثير من صفحات الكتاب، رحلة انثروبولوجية ممتعة للتعرف على الإنسان القمري في جميع مراحل حياته من الطفولة مرورا بريعان الشباب إلى الكهولة.

يقول الخضير: “هكذا هم القمريون ميالون للكرامة وحفظ النفس من الإهانة، يقدسون الحياة بكل ظروفها، مسالمون وطيبون، يعيشون حياتهم بأبسط تفاصيلها”، وإذا أردت أن تعرف المزيد وتستمتع بالتعرف عليهم وتصل الى إجابة السؤال الذي اقتبسناه من الكتاب، فلا تحرم نفسك من أن تستمتع بتذوق الأدب والجمال بتناول “غربة بطعم كارتالا”.

جدير بالذكر، أني بدأت قراءة الكتاب مساء يوم الأربعاء وأنهيت القراءة مساء يوم الخميس، فأتممت قراءة الكتاب خلال أربع وعشرين ساعة فقط ولولا انشغالي بمتطلبات الحياة اليومية، لتناولته في جلسة واحدة وما ذلك إلا لقدرة الخضير العجيبة على أسر القارئ من خلال جمال السرد الأدبي الممتع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى