ما هي أشكال التربية الانفعالية التي تؤثر على سلوك ونفسية طفلك؟
بشائر: الدمام
تُخطئ الكثير من الأمهات حين يقعن في حفرة تُعرف بالتربية الانفعالية وهي طريقة تربية خاطئة قائمة على الغضب والانفعال دون كبح لهما مقابل الأخطاء التي يقع بها الصغار، وأشكال هذه التربية ذات نتائج سلبية تنعكس على الطفل من جميع الجوانب وفيما تعتقد الأمهات أنها الأسلوب الأمثل للتربية وربما بسبب أن الأجيال الماضية قد تربت على هذه الطريقة من الصراخ والضرب والشتم مثلاً والتي لم تعد تجدي نفعاً مع هذا الجيل الذي أصبح مطلعاً على كل تطورات العلم الحديث والذي تنادي المؤسسات العالمية بتعزيز مكانته من أجل مستقبل أفضل يعنى بتربية الإنسان كمواطن صالح أولاً.
لا بد من أن تتخلى الأم عن التربية الانفعالية وتعرف أشكالها المختلفة والتي تنحصر في عدة أشكال مؤذية لشخصية الطفل لكي تغير من نمط تعاملها مع طفلها، ولذلك فقد التقت “سيدتي وطفلك” وفي حديث خاص بها بالمرشدة التربوية الأستاذة عفاف أبويوسف، حيث أشارت إلى ما هي أشكال التربية الانفعالية التي تؤثر على سلوك ونفسية طفلك ومن هذه الأشكال التربية بالتخويف والتهديد وغيرها في الآتي:
التربية بالتهديد
طفلة خائفة
توقفي عن استخدام أسلوب التهديد مع طفلك وبأنك سوف تقومين بضربه وإيقاع العقاب به، كما أنك سوف تهددينه بحرمانه من الخروج من البيت وزيارة الأماكن التي يحبها، أو أن تهددي الطفل بالتهديد المتوارث وهو غرفة الفئران وأنك سوف تقومين بحبسه فيها، فهذا الأسلوب لا يجدي نفعاً مع الطفل بل يتسبب بمشاكل نفسية وسلوكية له على المدى القصير والبعيد أيضاً، وتوقعي أن تتساءلي بعد ذلك عن سبب تغير سلوك الطفل المفاجئ وأن يكون طفلك طفلاً حاقداً لأنه نشأ على أسلوب التهديد والذي يتلوه حرمانه من أشياء يحبها كل الأطفال، مثل أن تسحبي منه العابه أو تحرميه من مصروف المدرسة اليومي، وربما تحول الطفل لكي يمارس أسلوب التهديد مع الأطفال الآخرين سواء إخوته أو زملاء المدرسة، فهناك الكثير من الأطفال الذين يقومون مثلاً بالاستيلاء على الألعاب والأشياء الخاصة بالآخرين ثم يساومونهم على الحصول عليها، مثل أن يساوم الطفل زميله على أن يُعيد له علبة الألوان مقابل ألا يُخبر المعلم بأنه لم يحل الواجب وتنتج مثل هذه الأساليب سلوكيات أخرى سيئة تكون السبب فيها هي الأم لأن أسلوب التهديد مع الطفل يعني أن الطفل لا يعرف أنه أخطأ بل يعرف أنه قد تحول إلى طفل محروم.
توقعي أن أسلوب التهديد سوف يفقد مفعوله مع الطفل، لأنك حين تهددينه بأنك سوف تحبسينه في غرفة الفئران مثلاً فسوف يخاف في المرة الأولى ثم يكتشف أنك لم تفعلي ذلك، وبعد مدة سوف يكتشف أنه لا يوجد غرفة للفئران يتم حبس الأطفال المشاغبين فيها ويصبح تهديدك مرهقاً لك فقط ومؤذياً نفسياً لك ويفقدك أعصابك، ولكن الطفل يسخر منه بداخله ويحوله أيضاً إلى إنسان عنيد ومصر على تكرار الخطأ، لأنك تهددينه بعقاب وهمي أو بعقاب لا يقع فعلاً.
التربية بالتجريح
اهتمي بأن تنادي طفلك بأحب الأسماء إليه كما أوصانا الرسول، صلى الله عليه وسلم، ومهما أخطأ الطفل فلا تقومي بتجريحه وإهانته بأن تنعتيه بصفات وأسماء غير محببة ومكروهة له ولكل شخص، ولا تعتقدي أن طفلك لا زال صغيراً ولا يفهم هذه الألقاب أو التشبيهات القبيحة والسيئة التي تطلقينها عليه، ولو أنك تعرفين فعلاً أنه لا يفهمها فأنت لن تلجئي لاستخدامها ولكن الطفل يشعر ويحس ويكون حساساً أكثر من الكبار، خاصة من أي تصرف تقوم به أمه مصدر حنانه الأول اتجاهه ويتأثر الطفل بهذه الألقاب التي تقوم الأم باختراعها لكي تناسب الخطأ الذي قام به، بل إنها تتعمد أن تهينه بها أمام الآخرين وتتناسى أن ذلك يؤذي نفسيته بشكل كبير، ويندرج التجريح والإهانة تحت أشكال التربية القائمة على الانفعال والغضب وعدم التروي عند إيقاع العقوبة المناسبة للطفل حسب عمره.
التربية بالتخويف
طفلان خائفان من الأب
استبدلي أسلوب التخويف بالأب وما سيوقعه على الطفل من عقاب عند عودته من العمل، حيث تقوم الأمهات بهذا الأسلوب بشكل مستمر ويومي، بحيث لا تعاقب الطفل في نفس اللحظة على الخطأ الذي وقع فيه، بل تراكم الأخطاء وتظل في حالة تهديد للطفل، حتى يعود الأب إلى البيت، وغالباً ما ينسى الطفل الخطأ الذي وقع فيه لأنه لا زال صغيراً ويستمر في ارتكاب أخطاء متتالية ولا تقوم الأم بالتنبية والتقويم بسرعة وبمجرد حدوث الخطأ والعقاب الذي يقع على الطفل يكون متأخراً ودون فائدة.
اجعلي وقت عودة الأب إلى البيت هو وقت السعادة والأمان والطمأنينة، بحيث ينتظر الطفل عودة الأب لحظةً بلحظة وليس العكس لأن الطفل الذي يتربى بطريقة التخويف من الأب يقوم بأفعال خاطئة وهو ينظر نحو باب البيت وينتظر أن يفتح الباب لكي يقوم الأب بضربه أو حبسه في غرفته، ولكن هذا الأسلوب غير صحيح ويجب أن يكون وجود الأب يعني الأمان والأنس بقربه، ويجب أن يتعلم الطفل ألا يُخطئ؛ احتراماً للأب وتقديراً له وليس خوفاً منه.
التربية بالتأنيب
طفل يبكي
تناسي كل خطأ وقع فيه طفلك في وقت سابق ولا تقومي بلومه وتأنيبه عليه باستمرار لأن كل خطأ سوف يأخذ وقته في العقاب المناسب له، ولذلك فمن الخطأ وبسبب انفعالك وغضبك من طفلك وبسبب الخطأ الجسيم الذي قام به من وجهة نظرك أن تستمري في لوم الطفل وتذكيره بما قام به، خاصة أمام إخوته أو أمام الجدين أو الضيوف، بل إن هناك بعض الأمهات يتعمدن نقل أخطاء الأطفال في البيت إلى المدرسة، فتنقل الأم هذه الأخطاء وتطلب رأي المعلمة وعلى مسمع من التلاميذ الصغار فيصبح الطفل كارهاً للمدرسة إضافة لكرهه لجو البيت، حيث من الطبيعي أن يبدأ الزملاء الصغار بتذكيره بأخطائه والسخرية منه.
قرري دائماً أن تعاقبي طفلك عقاباً آنياً في نفس الوقت، ويمكنك أن تتوقفي عن الحديث معه ولكن لا تقومي بتحويل يومه كله إلى يوم عقابي بامتياز، وكلما رأيت وجهه تذكريه بما قام به، فمثل هذا الأسلوب يحول طفلك إلى طفل منطوٍ فسوف ينعزل في غرفته، كما أن عقاب الطفل يجب أن يكون مناسباً للخطأ ولا يجب عليك أن تعاقبي طفلك على أي هفوة أو خطأ صغير فمن المسيء لشخصية الطفل أن تصبح الأم متصيدة لأخطاء طفلها فهو في الدرجة الأولى ليس آلة ولا روبوتاً، بل هو إنسان يُخطئ ويُصيب مثله مثل الكبار، وهناك بعض الأخطاء التي يمكن تجاوزها وتندرج تحت مسمى لهو الصغار فقط ولا يجب أن يُعاقب الصغير عليها.