المؤرخ وتدوين تاريخ الأحساء الموسوعي
طالب عبدالحميد البقشي
يعكف الكتاب الباحثون والمختصون الأكاديميون في تدوين تاريخ الاحساء وتوثيق تاريخها العريق على منهجية الاتجاه والبحث المختص، ورصد عصور التاريخ الممتد بشكل متفرق. وغالبًا ما ينقل في هذه السرديات التاريخية حقبات وموضوعات تاريخيه محددة.
فمن خلال البحث والتقصي في الكثير من الكتب المدونة عن تاريخ الأحساء ومشاهدة عناوين الكتب التاريخية المؤلفة يدرك أن غالب النتاج التاريخي المحلي الموثق مختص في تحري واستكشاف جانب معين من تاريخ الأحساء ويندر رصد إصدار كتاب موسوعي يتضمن تاريخ الأحساء الجامع والشامل.
وتمثل الكتب الموسوعية التاريخية الأحسائية مطويات نفيسة عزف الكثير من المؤرخين عن تأليفها لما تستدعي من بذل جهد كبير في جمع المعلومات والحقائق التاريخية والبحث المتعمق في المصادر الرئيسة، إضافة لما يترتب على الطبع والنشر من تكاليف مادية باهضة الثمن.
وإنتاج موسوعة عن تاريخ الأحساء تعد علامة فارقة ومميزة تقتضي من الباحث المحاول الجادة لجمع التاريخ الأحسائي، وضمه في كتاب شامل يتطرق لمنطقة الأحساء ومدنها وقراها وأماكنها وتناول حوادثها المتتالية منذ القدم التاريخي مقربه للقارئ والمهتم صورة تسلسلية للوقائع والأحداث التاريخية المبنية على أنماط التحول والتغير التاريخي.
وتوصف الكتب الموسوعية في أدبياتنا المعاصرة بعدة صور متعددة يلم بها المختص في هذا النوع من العمل المعرفي فمنها صورة الموسوعة التي تبنى على قاعدة الثقافة أو المعرفة أوالنتاج الثقافي المتعدد المجالات بحيث تشمل أكثر من مجالين من مجالات التخصص في التوثيق والصورة الثانية من الموسوعية تتعلق بالمنهج المعرفي المتعمق التي تتناول المعرفة من نظرة ضيقة وتتوسع إلى أشمل المعارف فهي تتناول معرفة معينة بالبحث عن وجوه الاتفاق والائتلاف ومظاهر الافتراق والتمايز، والبحث في الميدان الذي سبق الميادين الأخرى، ولهذا تقرأ ما يكتبه صاحب المنهج الموسوعي فتدرك اكتمال المعرفة من جميع النواحي ، وتمتد رؤيتك وتتسع قدرتك على فهم الحقيقة وعلى تصورها وصورة أخرى للموسوعية تبنى على قاعدة ترتيب المعارف وتتابعها وترابطها المنطقي في معرفة معينة وإيصال صورة ومشهد متكامل وشامل لهذه المعرفة والتي تضفي عمق وفهم للمختص والمهتم لتدرج هذه المعارف.
وهذا المقال يبحث عن إنتاج عمل يماثل التصنيف الموسوعي الأخير لتاريخ الأحساء الذي يهتم بمنهج التوسع في المعارف المرتبة والمترابطة لتاريخ الأحساء القديم بحسب نمط حقبات تاريخ الأحساء المتعاقب من العصر الأسلامي، بما فيها توثيق ورصد نزول وفد بني عبد القيس على النبي الأكرم وما يليها من حقبات العصر القرمطي والعصر العيوني والعصفوري والعصر الجرواني والجبري وعصر آل مغامس وكل تتابع العصور المتعاقبة.
ومن أوائل المحاولات لتدوين تاريخ الأحساء من الباحثين المتأخرين كانت للمؤرخ سليمان الدخيل عام 1331هـ في مؤلفه ” تحفة الألباء في تاريخ الأحساء “وهي لمحة موجزه ومختصة في مجالات محددة وليست شاملة، وكتاب صفحات من تاريخ الأحساء لعبد الله بن أحمد الشباط ويتضمن مقالات تتحدث عن الأحساء في بعض أدوارها التاريخية، وكتاب منطقة الأحساء عبر أطوار التاريخ لخالد بن جابر الغريب. وفي هذين الكتابين تكلما عن المشاريع الحديثة والتطوير الإداري والتنموي للأحساء وشكل كتاب تحفة المستفيد بتاريخ الأحساء في القديم والجديد محاولة ثرية لمؤلفه محمد بن عبدالله العبد القادر، والذي يتكون من قسمين، وقد تناول فيه التاريخ السياسي والعلمي والأدبي.
وهناك كتابات وعينات من النتاج الموسوعي تصنف كموسوعات ترصد ملامح الحياة في الاحساء، ولكنها لا تندرج ضمن منهج التصنيف السردي التاريخي المتسلسل والترتيبي والشمولي لتاريخ الاحساء، وإنما في مجالات متعدده تتضمن مجالات أدبية واجتماعية أو اقتصادية، ومنها كتاب أعلام الوراقين في الأحساء لمؤلفه الشيخ محمد الحرز، ويتألف الكتاب من أربعة أجزاء يسلط الضوء على مساهمات الوراقين من الشخصيات البارزة في حفظ التراث الأدبي والثقافي الأحسائي، وكتاب موسوعة تراث الأحساء الميسرة لمؤلفه طاهر بن معتوق العامر، وكذلك موسوعة أعلام هجر وتتضمن معلومات عن التراجم والشخصيات. وتعد الأوسع والأشمل في تاريخ رجالات الأحساء، ومعجم الأحساء التراثي للدكتور فهد بن حمد المغلوث ويتضمن الجنادرية والمهرجان الوطني للتراث والثقافة.
ومن خلال ما تم استعراضه، وما تبين من ندرة الكتابة الموسوعية لتاريخ الأحساء القديم. تترسخ أهمية التدوين الموسوعي لتاريخ الأحساء لما له من أثر كبير في تسهيل الحصول على المعلومات التاريخية للباحث والمؤرخ والمختص الأكاديمي وطالب العلوم الدينية المنشغلين في إعداد البحوث والدراسات التارخية والتوسع في المعلومات المعمقه والحقائق التاريخية الموثقه بتوثيق مرجعي يتم عرضه وربطه بمراجع ومصادر توتفر مرجعًا متكاملًا يضم معلومات موثقة ولا سيما أن الساحة الثقافية تخلو من هذا المنتج النادر والنفيس.