أقلام

ما شكل الكون؟ علماء رياضيات يوظفون علم الطوبولوجيا لدراسة شكل الكون وكل ما فيه

المترجم : عدنان أحمد الحاجي

بقلم جون إتناير، أستاذ الرياضيات، معهد جورجيا للتكنولوجيا

عندما تنظر إلى الوسط المحيط بك، فقد يبدو الأمر كما لو كنت تعيش على سطح أرض مستو. ولهذا نستطيع أن نعين المكان الذي نرغب في التوجه اليه في المدينة على الخريطة: والخريطة ورقة مسطحة ممثلة فيها جميع الأماكن في المحيط. ومن المحتمل أن هذا ما دعا بعض الناس سابقًا إلى الاعتقاد بسطحية الأرض. لكن معظم الناس الآن يعرفون أن ذلك الاعتقاد بعيد كل البعد عن الحقيقة.

فنحن بلا شك نعيش على سطح كرة عملاقة، تشبه كرة شاطئ بحجم الأرض تبدو عليها بعض النتوءات. سطح الكرة والسطح المنبسط هما حيزان ممكنان ثنائيا الأبعاد، وهذا يعني أنه بالإمكان المشي في اتجاهين: تجاه الشمال والجنوب أو اتجاه الشرق والغرب.

ما هي الأماكن الأخرى التي بالإمكان أن نعيش عليها؟ هذا يعني، ما هي الأحياز (الفضاءات) الثنائية الأبعاد الأخرى في المحيط التي يمكن العيش عليها؟ على سبيل المثال، سطح دونات عملاقة هو عبارة عن حيز ثنائي الأبعاد آخر.

من خلال حقل علمي يسمى الطوبولوجيا الهندسية (1)، يتناول علماء الرياضيات من أمثالي (الكلام للمؤلف (2)) دراسة جميع الأحياز الممكنة في جميع الأبعاد. سواء أكنا نحاول تصميم شبكات استشعار آمنة (3)، أو التنقيب في البيانات (4)، أو استخدام الأوريغامي (فن طي الورق الياباني) لنشر الأقمار الصناعية (5)، فإن اللغة والأفكار الكامنة وراء ذلك هي لغة الطوبولوجيا على الأرجح.

شكل الكون

عندما تلقي نظرة على ما حولك من الكون الذي تعيش فيه، فهو يبدو وكأنه حيز ثلاثي الأبعاد، تمامًا كما يبدو سطح الأرض وكأنه سطح ثنائي الأبعاد. ومع ذلك، تمامًا كما الأرض، لو نظرت إلى الكون ككل، فقد يكون حيزًا أكثر تعقيدًا مما يبدو، ويشبه سطح كرة شاطئ عملاقة ثنائية الأبعاد أو شيء أكثر غرابة منها.

رغم أنك لست بحاجة إلى الطوبولوجيا لتعرف أنك تعيش على سطح كسطح كرة شاطئ عملاقة، إلا أن معرفة جميع الأحياز ثنائية الأبعاد الممكنة قد يكون مفيدًا. منذ أكثر من قرن من الزمن، اكتشف علماء الرياضيات جميع الأحياز ثنائية الأبعاد الممكنة والكثير من خصائصها (6).

على مدى العقود القليلة الماضية، عرف علماء الرياضيات الكثير عن جميع الفضاءات الثلاثية الأبعاد الممكنة. رغم أننا لا نملك معرفة كاملة كما هو الحال بالنسبة للأحياز ثنائية الأبعاد، إلا أننا نعرف الكثير عنها (7). وباستخدام هذه المعرفة، بإمكان علماء الفيزياء والفلك أن يحاولوا معرفة الأحياز الثلاثية الأبعاد التي يعيش فيها الناس بالفعل (8).

بالرغم من أن الإجابة ليست معروفة تمامًا، إلا أن هناك الكثير من الاحتمالات المثيرة للاهتمام والمدهشة. وتصبح الخيارات أكثر تعقيدًا إذا أضفنا الزمن كبعدٍ أخر.

ولكي نعرف كيف يكون ذلك ممكنًا، لاحظ أنه لكي تحدد موقع ما في الفضاء – على سبيل المثال، على مذنب من المذنبات – فإنك تحتاج إلى أربعة أرقام: ثلاثة لوصف موقعه وواحد لوصف الزمن الذي يبقى المذنب في هذا الموقع. هذه الأرقام الأربعة هي ما يشكل فضاءًا رباعي الأبعاد.

الآن، يمكنك أن تفكر فيما هي الأحياز الرباعية الأبعاد الممكنة وفي أي من هذه الأحياز تعيش.

الطوبولوجيا في الأبعاد العليا

في هذه المرحلة، قد يبدو أنه لا يوجد سبب للنظر في فضاءات ذات أبعاد أعلى من أربعة أبعاد، لأن هذا هو البعد الأعلى الذي يمكن تخيله والذي قد يصف كوننا. لكن فرع من الفيزياء، معروف بـ نظرية الأوتار )9)، يفيد بأن الكون له أبعاد أكثر بكثير من أربعة أبعاد.

هناك أيضًا تطبيقات عملية للتآمل في الفضاءات ذات الأبعاد العليا، مثل تخطيط طوبولوجيا حركة الروبوت (10). افترض أنك تحاول فهم حركة ثلاثة روبوتات تتحرك على أرضية المصنع في مستودع المواد. يمكنك وضع شبكة على الأرض ووصف موضع كل روبوت بدلالة إحداثي س و ص على الشبكة. نظرًا لأن كل روبوت من الروبوتات الثلاثة يتطلب إحداثيتين، فستحتاج إلى ستة أرقام لوصف جميع المواقع الممكنة للروبوتات. بإمكانك أن تفسر المواقع الممكنة للروبوتات كحيز ذي 6 أبعاد.

بزيادة عدد الروبوتات، تزداد أبعاد الأحياز. أخذ معلومات مفيدة أخرى بعين الاعتبار، مثل مواقع العوائق، يجعل الأحياز أكثر تعقيدًا. ولكي نتمكن من دراسة هذه المشكلة، علينا دراسة الأحياز ذي الأبعاد العالية.

هناك عدد لا يحصى من المشكلات العلمية الأخرى التي تظهر فيها أحياز عالية الأبعاد، بدءً من نمذجة حركة الكواكب والمركبات الفضائية (11) إلى محاولة فهم “شكل” مجموعات البيانات الضخمة (12).

العقد الرياضية

نوع آخر من المسائل التي يدرسها علماء الطوبولوجيا هو كيف يمكن لحيز ما أن يقع ضمن حيز آخر.

على سبيل المثال، لو أمسكت بحلقة خيط معقودة، فسيكون لدينا مساحة أحادية الأبعاد (حلقة خيط) ضمن حيز ثلاثي الأبعاد (غرفتك). وتسمى هذه الحلقات بالعقد الرياضية (أو نظرية العقد (13)(.

نشأت دراسة العقد (14) في البداية من حقل الفيزياء، ولكنها أصبحت مجالًا محوريًا في علم الطوبولوجيا. وتعتبر ضرورية لفهم العلماء الفضاءات ثلاثية الأبعاد ورباعية الأبعاد وبنيتها الدقيقة وبسبب ذلك لا يزال الباحثون يحاولون فهمها (15).

بالإضافة إلى ذلك، فإن العقد لها الكثير من التطبيقات، بدءً من نظرية الأوتار (16) في الفيزياء إلى الحمض النووي المعاد التركيب (17،18) في البيولوجيا إلى الكيرالية في الكيمياء (19).

تعتبر الطوبولوجيا مفيدة حاليًا في العلوم والهندسة. كشف المزيد من أسرار الفضاءات في جميع الأبعاد سيكون ذا قيمة لا تقدر بثمن لفهم الكون الذي نعيش فيه وحل مشكلات العالم الحقيقي.

مصادر من داخل وخارج النص

1- https://ar.wikipedia.org/wiki/طوبولوجيا_هندسية

2- https://www.researchgate.net/scientific-contributions/John-B-Etnyre-10186406

3- https://www2.math.upenn.edu/~ghrist/preprints/noticesdraft.pdf

4 – https://ar.wikipedia.org/wiki/تنقيب_في_البيانات

5- https://globalnews.ca/news/10037710/origami-in-space/

6- https://link.springer.com/book/10.1007/978-3-642-34364-3

7- https://bookstore.ams.org/gsm-151

8- https://www.mdpi.com/2218-1997/2/1/1

9- https://ar.wikipedia.org/wiki/نظرية_الأوتار

10- https://link.springer.com/chapter/10.1007/1-4020-4266-3_05

11- https://www.cambridge.org/core/books/geometry-of-celestial-mechanics/F285E8C089E2A1880864C8708C6BE81D

12- https://www.ias.edu/ideas/2013/lesnick-topological-data-analysis

13- https://ar.wikipedia.org/wiki/نظرية_العقد_(رياضيات)

14- https://www.britannica.com/science/knot-theory

15- https://www.sciencedirect.com/book/9780444514523/handbook-of-knot-theory?via=ihub=

16- https://www.ias.edu/ideas/2011/witten-knots-quantum-theory

17- https://iubmb.onlinelibrary.wiley.com/doi/10.1002/bmb.20244

18- https://ar.wikipedia.org/wiki/حمض_نووي_معاد_التركيب

19- https://taqadom.aspdkw.com/الملوثات-الكيرالية/

المصدر الرئيس

https://theconversation.com/whats-the-shape-of-the-universe-mathematicians-use-topology-to-study-the-shape-of-the-world-and-everything-in-it-235635

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى