عقم الزوج هل يفسخ عقد النكاح

بشائر: الدمام
فيما تعتقد كثير من النساء أن عقم الزوج ليس سببًا لفسخ عقد النكاح، ذهب قانونيون إلى أن العقم قد يكون سببًا شرعيًا إذا طلب أحد الزوجين الفسخ بسبب عدم القدرة على الإنجاب، خاصة إذا كان الطرف الآخر قد أخفى الأمر قبل الزواج، أو كان العقم مؤثرًا بشكل كبير على العلاقة الزوجية.
وتلعب حساسية موضوع العقم دورًا كبيرًا في محاولة إخفاء كونه سببًا للفسخ، خصوصًا حين يكون الرجل هو العقيم، حيث يشعر بالخجل أو النقص في مجتمع يحمل الزوج مسؤولية الإنجاب.
ويقول المستشار القانوني عاصم محمد إنه «حسب لائحة الأحوال الشخصية الجديدة، لا يسقط حق الزوجة في طلب فسخ عقد الزواج لعلة في الزوج تمنع من المعاشرة الزوجية بمجرد سكوتها عن المطالبة».
وأضاف «نصت المادة الثامنة والعشرون على أنه للمحكمة فسخ عقد الزواج بعد استيفاء الإجراءات النظامية ذات الصلة، متى طالبت الزوجة به، لخشيتها عدم أداء الحقوق الزوجية، وامتناع الزوج عن طلاقها أو مخالعتها، على أن تعيد ما قبضته من مهر، أما في حال كان الزوج عقيمًا فيحق للزوجة طلب فسخ النكاح في حال عدم موافقة الزوج على الطلاق، حيث يتم طلب إحضار تقرير طبي للزوجين، وبعد دراسة الأمر يتم الحكم للزوجة بفسخ النكاح».
تباين الحالات
يؤكد المستشار عاصم محمد، أن كون العقم سببًا لطلب فسخ النكاح لا يعني إقرار المحكمة بالفسخ حكمًا، وقال «هناك بعض الحالات التي يتم إرجاعها إلى مكاتب الصلح قبل فسخ النكاح، وهناك من يرى أن العقم ليس عيبًا يجيز الفسخ لأنه قد يكون عقمًا قابلًا للعلاج، ولأنه لا يؤثر على المعاشرة الزوجية، فيما يرى آخرون أن القدرة على الإنجاب من الحقوق الأساسية للزوجة التي لها الحق في أن تكون لها ذرية، ولذلك يجيزون الفسخ».
وأضاف «إذا كان العقم معلومًا قبل الزواج وتم الرضا به، فلا يحق للزوج أو الزوجة طلب الفسخ بناءً على ذلك، أما إذا كان العقم خفيًا، ولم يكن معروفًا وقت الزواج، فمن حق الطرف الآخر رفع الأمر إلى القاضي للمطالبة بفسخ العقد».
أدلة وتقارير
يشير المستشار القانوني نواف أحمد إلى أنه «يتم رفع طلب فسخ النكاح لعلة العقم إلى محكمة الأحوال الشخصية من قبل الزوجة أو الزوج المتضرر من العقم، وينظر القاضي في الأدلة والتقارير الطبية، وقد يتم التفريق بين الزوجين إذا ثبت العقم وأصر الطرف الآخر على الفسخ».
وأوضح «تعد قضايا الفسخ بسبب العقم من القضايا الحساسة، خاصة عند الأزواج، ويفضل كثير منهم الطلاق قبل الوصول إلى المحكمة في حال طلبت الزوجة ذلك».
وأضاف «في كثير من الحالات وقبل فسخ النكاح تبذل مكاتب المصالحة جهودها لتقريب وجهات النظر بين الطرفين، لأنها ترى أن العقم قد يعالج، خصوصًا مع تطور الطب والتقنيات الحديثة، ولكن في حال أصر الطرف المتضرر على طلب الفسخ، فإنه يقضى بالفسخ عبر القاضي في المحكمة».
نظرة اجتماعية
يجزم المستشار الاجتماعي خالد المولد، على أن النظرة الاجتماعية تلعب دورًا مؤثرًا في مسألة طلب فسخ النكاح بسبب العقم عند الرجل، حيث تلعب القيم الثقافية، والعادات المجتمعية، والتوجهات الدينية دورها في هذا الجانب.
وقال «يمكن تلخيص هذه النظرة إلى الجانب الديني، حيث الشريعة الإسلامية تتيح للزوجة الحق في طلب فسخ النكاح إذا ثبت عقم الزوج، خاصة إذا كانت ترغب في الإنجاب، باعتبار أن الإنجاب من مقاصد الزواج الأساسية، ومع ذلك يُفضل أن يكون الحل الأول هو التفاهم والتسامح قبل اللجوء إلى القضاء».
وعن الجانب الاجتماعي، أضاف «في بعض المجتمعات، قد يُنظر إلى طلب الفسخ بسبب العقم على أنه أمر غير مقبول أو جحود من الزوجة، خاصة إذا كان هناك حب وعشرة طويلة بين الزوجين، فيما قد تتقبل مجتمعات أخرى الأمر بشكل أكثر بساطة، خاصة إذا كانت رغبة الإنجاب قوية لدى الزوجة».
وأضاف «قد تواجه الزوجة ضغوطا عائلية ومن مجتمعها للبقاء مع الزوج رغم عُقمه، حفاظًا على استقرار الأسرة وتجنب الوصم الاجتماعي، بينما في حالات أخرى قد تتلقى دعمًا لاتخاذ القرار الذي يناسب مستقبلها».
تقنيات وعلاج
أكدت استشارية النساء والولادة، أسماء حلمي، أن التطورات الحديثة مع تقدم الوعي المجتمعي والطب الحديث وفرت عددًا من خيارات العلاج أو البدائل مثل تقنيات المساعدة على الإنجاب، مما قد يؤثر على قرار الزوجة بالبقاء أو الفسخ.
وقالت «في حال العقم عند الرجال ينظر إلى السبب الرئيس للمشكلة، وهناك عدة طرق متاحة للعلاج، تشمل العلاجات الدوائية، وعلاج الاضطرابات الهرمونية، مثل استخدام هرمون التستوستيرون، أو أدوية تحفيز إنتاج الحيوانات المنوية، والمضادات الحيوية إذا كان العقم ناتجًا عن التهابات في الجهاز التناسلي، وأدوية لتحسين جودة الحيوانات المنوية مثل مضادات الأكسدة، والمكملات الغذائية التي تحتوي على الزنك، وفيتامين C وE، والكارنيتين».
وأضافت «هنالك كذلك علاجات جراحية، منها إصلاح الدوالي، حال كانت سببًا في ضعف إنتاج الحيوانات المنوية، وإصلاح انسداد القنوات المنوية جراحيًا لاستعادة تدفق الحيوانات المنوية، وهناك تقنيات المساعدة على الإنجاب (ART) والتلقيح الصناعي (IUI) حيث يتم إدخال الحيوانات المنوية مباشرة إلى الرحم، إلى جانب أطفال الأنابيب حيث يتم تخصيب البويضة في المختبر ثم زرعها في الرحم».