أقلام

البيروقراطية بين الموظف المتسلق الغيور والمخلص 

سعيد الباحص

تعد النظرية البيروقراطية أحد أساليب القيادة الإدارية وهي موجودة نسبيًا في الكثير من المنظمات حول العالم  سواء الخاص منها وشبه الحكومي والحكومي وغير الربحي، وهذه النظرية ليست حصرًا على قطاع بحد ذاته، كما يعتقد البعض بأنها خاص بمؤسسات القطاع الحكومي كما تعد هذه النظرية أول أنموذج متكامل للمنظمات ويمثل اللبنة الأساسية لنظرية التنظيم الإداري وإحدى النظريات الثلاثة للمدرسة الكلاسيكية في الإدارة ومنها الإدارة العلمية ونظرية التنظيم الإداري.

وقد عرفها العالم الألماني ماكس فيبر مؤسس هذه النظرية أو النموذج  بأنها تعنى بتطبيق القوانين بالقوة في المجتمعات المنظمة بحيث تعتمد هذه الأنظمة على الاجراءات الموحدة وتوزيع المسؤوليات بطريقة هرمية.

وفي معنى آخر تعني نوع من تصميم المنظمات المستند إلى التخصص وتقسيم العمل وتسلسل محدد للسلطة ،وقواعد واجراءات واضحة ومعايير صارمة في اختيار الأفراد، وترقياتهم.

الخصائص المميزة للنظام البيروقراطي

لقد عد فيبر بأن هذه النظام أكثر أنواع التنظيم كفاءة وعقلائية فهو يحقق الدقة والسرعة والوضوح والاستمرارية والوحدة والانصياع من قبل المرؤوسين ومن السمات لهذا النظام:

١. مجالات الاختصاص محددة رسميًا وبشكل ثابت عن طريق قواعد وتعليمات ولوائح مكتوبة.

٢. السلطات اللازمة لتنفيذ الأعمال والواجبات توزع وفقًا لقواعد محددة وواضحة.

٣. يتم تنفيذ المهام تبعا لأساليب وطرق محددة لذا لا يعين في التنظيم إلا من كان مؤهلًا.

٤. ينقسم التنظيم إلى عدة مستويات متخذًا شكل الهرم وتختلف عدد المستويات تبعًا لحجم التنظيم.

٥. يعتمد التنظيم في إدارته على المستندات الرسمية والقواعد والإجراءات والقرارات المكتوبة، ولهذا يوجد جهاز خاص يهتم بحفظها وتنسيقها يطلق عليه المكتب.

٦. تحتاج إدارة المكتب إلى خبرة ومران وتدريب لأنها تتطلب جهد الموظف ونشاطه بالكامل.

٧. يفصل التنظيم بين الإدارة والملكية فالعاملون في التنظيم لا يملكون وسائل العمل والإنتاج.

٨. تطبيق النظام لقواعد وتعليمات تتصف بالعمومية والشمول والثبات النسبي، فكلما زاد فهم الموظف وتعلمه لهذه التعليمات كلما زادت خبرته وكفاءته.

من هنا يتضح بأن هذه الخصائص لا يوجد بها أية اعتبارات شخصية في العمل أو جوانب إنسانية حيث يرى فيبر الانفصال التام عن حياة ومشاعر الموظف الخاصة عن حياته العامه في العمل.

ولكن من عناصر النقد الموجهه للنظام البيروقراطي نجده في عدة ملوحظات منها:

١. الاهتمام بالجانب الفني من العمل على حساب الجوانب الاجتماعية والنفسية كالعلاقات الاجتماعية.

٢. الاهتمام بالحوافز المادية فقط لتحفيز الإنسان لزيادة إنتاجيته واغفال حاجات ودوافع الإنسان الأخرى.

٣. أسلوب بطيء التنفيذ بسبب التقيد بحرفية اللوائح والأنظمة التي ينبغي الالتزام بها لذا فهو لايتيح المجال للابتكار والتجديد، إضافة إلى تركيزه على الإنتاج والنظام أكثر من اهتمامه بالعاملين وحاجاتهم الاجتماعية والإنسانية.

٤. افتراض هذه النظرية صفة الرشد المطلق في الأفراد واغفلت مجموعة من العوامل والمتغيرات التي  تؤثر بشكل أساسي في سلوك الفرد، ودوافعه فلم تهتم على  سبيل المثال بالنزاعات بين العاملين والاتصال بهم، وكذلك الدوافع الخاصة بهم.

ومن أنواع الموظفين في النظام البيروقراطي نجد عدة أنواع منهم:

١. المتسلق وحافزه الأول والأخير لتحقيق رغباته الشخصية في الحصول على مراكز عالية ودخل أعلى وتحقيق أهدافه الشخصية  ولديه حوافز قوية لابتكار وإظهار وظائف جديدة لمصلحته أو المؤسسة التي يعمل بها.

٢. مقاوم التجديد وهو الموظف الذي يقاوم أي تغيير يطرأ ويحاول المحافظة على كل ما هو قائم.

٣. الموظف الغيور وهو الذي يسعى لتحقيق أهداف معينة ونجد إخلاصه وانتمائه لهذه الأهداف المعينة.

٤. الدفاعي وهو الموظف الذي يجرفه إخلاصه إلى وظائف اجتماعية معينة أو إلى مصلحة معينة وليس لأهداف المصلحة العامة.

٥. الموظف المخلص لمجتمعه الذي ينتمي إليه ويعمل من أجل تحقيق أهداف ذلك المجتمع ويعمل على توظيف الأنظمة والقوانين الخادمة لذلك المجتمع.

ومن أسباب نجاح نظام البيروقراطية في منظمات وفشله في أخرى نجد أحد أهم أسباب فاعلية ونجاح البيروقراطية في بعض المؤسسات أو المؤسسات الحكومية وعدم فاعليته في أخرى يعود إلى فاعلية تلك المؤسسة في الانتباه إلى المزايا التي طرحها فيبر في نموذجه المثالي للبيروقراطية وهي السرعة والدقة والوضوح والاستمرارية وغيرها والمنظمات التي أدخلت التكنولوجيا في خدمة مؤسساتها العامة وارعت الانتباه لمزايا النموذج البيروقراطي وتعاملت معه بإيجابية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى