أميرة ثاج (الجبيل) و١٨ كيلو من الذهب في مدفنها
تهاني الأربش- الدمام
كشفت هيئة السياحة والتراث الوطني مؤخرا عن كنز تم استخراجه من مدفن في قرية ثاج. يعود إلى ٣٠٠٠ آلاف عام، لأميرة في التاسعة من عمرها، راقدة على سرير خشبي بقوائم برونزية ويحيط برفاتها ممتلكاتها الشخصية من مجوهرات ومباخر وقطع ذهبية.
وقاد إلى هذا الاكتشاف عن طريق الصدفة سيدة عجوز أثناء بناء بيتها، حينما أرادت الحفر لخزان ماء ففوجئت بالمدفن، وقامت هيئة السياحة باستكمال الحفريات في الموقع الأثري، مؤكدة بعد إجراء الدراسات الأولية أن ثاج ازدهرت في الألفية الأولى قبل الميلاد، وامتدت هذه الحضارة إلى العصور التي تليها وحتى العصور الإسلامية.
وأكد عبدالحميد الحشاش مدير متحف الدمام الإقليمي، أن هذه المدينة كانت حاضرة مهمة في عصر صدر الإسلام، واستجابت للنبي وآمنت برسالته بعدما كانت وثنية.
كما كشفت الحفريات عن فرن فخار أثري في نفس الموقع، والذي يعد من أقدم الأفران في المنطقة. ويفسر هذا الاكتشاف وجود قطع الفخار المتناثرة بكثره في أرجاء المدينة كاملة، والتي اعتاد المواطنون على وجودها.
ولهذا تعد ثاج الواقعة على بعد ٩٥ كم عن مدينة الجبيل و١٥٠ كم إلى شمال غرب الظهران أكبر موقع هيلنستي معروف في المنطقة الشرقية حتى الآن.
وأشارت الخرائط باستخدام أجهزة الملاحة (GPS) أن ثاج تقع في واد ضحل، ينحدر ببطء نحو الشمال، وعلى طريق القوافل التجارية القديمة (درب البخور) المتجهة جنوبا إلى اليمامة والأفلاج ومنها إلى وادي الدواسر، ثم إلى قرية الفاو ونجران.
وأضاف الحشاش: “الموقع محافظ عليه من قبل الأهالي، فهم يعرفون قيمته التاريخية”، وتتم حمايته من العبث عن طريق السياجات التي وضعتها هيئة السياحة.
ووجدت العديد من القطع البرونزية والفخارية والنحاسية المتحولة إلى اللون الفيروزي، والتي لا تقدر بثمن، وأيضا قطع للزينة من الذهب المطعم بالأحجار الكريمة، وخيوط ذهبية بالقرب من رأسها وقلادة صنعت بدقة متناهية بهيئة وجه بشري، وقناع للوجه واليد كان يغطي الأميرة الصغيرة، الأمر الذي يؤكد على إتقان وإبداع في مهنة الصياغة منذ القدم مع عدم توفر آلات. ويعكس الحالة الثقافية والصناعية التي كانت عليها مملكة ثاج الممتد من عصور قبل الميلاد.
وأشار الدكتور عيد اليحيى الباحث في برنامج (خطى العرب) إلى أن ثاج قد تكون هي مملكة الجرهاء المفقودة، والتي كانت تعيش الغنى والثراء والوفرة، حتى أن أبواب المدينة تصب بالذهب الخالص.
وناشد أهالي المنطقة مسؤولي متحف الدمام للآثار بأن يرمم المتحف ويجهز، وتُعرض فيه بعض القطع والموجودات، فلا فائدة من نقل القطع من موقعها، خصوصا للباحثين والدارسين والمهتمين.
الجدير بالذكر أن الكنز حاليا يعرض في المتحف الوطني بالرياض قسم الحضارات، فمن المهم زيارة مثل هذه المتاحف للاعتبار، وللاطلاع ومعرفة تراثنا وماضينا، ولتقدير هذه الأرض التي نعيش عليها، ولتأصيل الوطنية فينا، فمن لا يعرف ماضيه لا يستطيع أن يعيش حاضره ومستقبله.