أقلام

خطاب المنبر في واقع معرفي مفتوح

 

فائض المعرفة والثقافة والمناخ العلمي والعقلي يضغط على متعلم هذا العصر التي تميز بطغيان التعليم وتعززت قوة الأفراد بما يمتلكون من معرفة ويجعل له مكانة معنوية ومادية.
كثرة المتعلمين والمتخصصين جعلتهم بمثابة الطبقة الوسطى ثقافيا يعني الأغلبية التي تشكل كتلة معلوماتية بحجمها الكبير تحولها إلى قوة نوعية اجتماعية بالمجتمع يساعد في تكوين هذه القوة المعرفية الوسيط الرقمي الذي يُستخدم لتوصيل رسالة المتعلم والمثقف.
هذا المناخ التعليمي  اتاح للمثقف أن يصبح ذات سلطة وقدمه للساحة الاجتماعية على أنه مؤثر وفاعل ومكمل للفاعل الديني ومن يعتلي المنبر بعد أن كان منفردا بالخطاب الديني في توصيل ما يريد أو ما يتوافق مع فكره واتجاهاته بدون صوت متفاعل وناقد يكمل ويسد فراغات في الساحة الثقافية والفكرية والاجتماعية.
الفاعل الثقافي لم يعد يطالب بالاعتراف بدوره فقط بل يريد أن يكون مشاركا وله رأي ونظرة نقدية وتصحيحية في المجتمع بل أصبح بمثابة المتابع الراصد لكل ما يقدم على المنبر وفي أدوات التواصل الاجتماعي، لا يستهدف المثقف أن يكون بديلا للخطيب والحوزوي لكن مشاركا ومتفاعلا لا متلقيا.
بدون شك التعليم والتثقيف الديني مهم ولا يستغنى عن الدور الديني التوعوي لكن تنمية المجتمع وتوعيته ليس فقط بالخطاب الديني ولكن للفاعلين والناشطين والمثقفين رؤية وأدوارا في التثقيف والتوعية، من حقهم مشاركة الفاعل الديني بالمساهمة في إعادة الإنتاج المعرفي والفهم لشئون الحياة،
المثقفون لديهم منظومة ثقافية تشكلت من معارفهم وخبراتهم في مهنهم وأعمالهم ولديهم كفاءة وقدرة على المشاطرة في النقد والتغيير والتصحيح والمساهمة في نقل المجتمع من متلقي يسلم بكل ما يسمعه إلى مجتمع مفكر وواعي متفاعل.
أغلب المثقفين والمتخصصين أكاديميا يمتلكون ثقلا معرفيا وثقافيا يستهدفوا التصحيح وسد ما يعتبروه نقصا وضعفا  في بنية المجتمع التي تؤدي إلى مجتمع يحمل وعيا ورسالة اجتماعية.
بعد اتساع فضاء التعليم الأكاديمي وزيادة عدد المثقفين والمتفاعلين في أدوات التواصل الأجتماعي اتسعت وتنوعت حركة النقد للخطاب المنبري التي تعتبر ظاهرة صحية إذا كان النقد موضوعيا وعن وعي يهدف إلى التصحيح والتشاركية في الخطاب العام لخلق بيئة اجتماعية واعية ومسئولة وليس للتضعيف والأقصاء.
التفاهم بين المساهمين في الخطاب الثقافي العام وهما الخطيب الحوزوي وبين المثقف والاعتراف بأدوار كل منهما سينعكس إيجابا على المجتمع، سيبدءان مسيرة ثقافية تشاركية في التوعية والتنمية الاجتماعية التي تقلل من الاحتقان والتشنج في أدوات التواصل الاجتماعي ويؤدي إلى توعية المجتمع إذا توفرت الشروط التالية :
أولا: قبول بعضهم البعض في الساحة الثقافية، ثانيا: الطرفان مكملان لبعضهم البعض، ثالث: احترام تخصص كل منهما، رابعا: أن الأصل بالمجتمع التدين المحافظ الخائف على دينه، خامسا: انتقال الخطاب المنبري إلى خطاب عام شامل بتناول قضايا الإنسان العصرية مثل التعليم والصحة والاقتصاد والعلاقة بالآخر والاحترام والتقدير والتفاهم وفهم طبيعة المجتمع المؤسساتية والقانونية، سادسا: قراءة متطلبات العصر التنموية، سابعا: العاطفة ضرورية في التعبير لكن لا بد من العقلانية في مضمون الخطاب.
نحن بمرحلة تحول معرفي كبير على مستوى ثقافات الدول والأمم، المتحكم فيه الثورة المعلوماتية تحركها محركات البحث؛ الجوجل يوتوب سناب واتس اب، توتير، ومتلقي تحيطه معلومات متدفقة لحظية ومعرفة غير ثابتة تغير رأيه وفكره بسرعة حينما يرى صورة متحركة متجددة، التعامل الواقعي الواعي وتقدير الاختلافات النسبية لن تضر إذا قدرت معرفة وتخصص الغير واعتمد الطرفان حوارا هادفا بأسلوب هادئ ليس الغاية منه الغلبة لكن الاستسلام للمعلومة الحقيقية والبرهان مع عدم نسيان أن العاطفة مكون أساسي في حياة الإنسان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى