الشيخ السمين يدعو لمظاهر التعايش المذهبي والقضاء على مرض الشائعات
رقية السمين – الدمام
أثار الشيخ محمد السمين من على منبر الخطابة الحسينية عدة عناوين تطرح وتناقش مشكلات مختلفة يعاني منها المجتمع وأفراده، تنوعت ما بين المشكلات العقائدية والاجتماعية التي تحاكي قضايا العصر.
وسلط السمين الضوء في ثاني ليالي محرم بمزرعة النمر على قضية اضمحلال المظاهر والسلوكيات الدينية، خصوصا عند الأجيال القريبة، وهو أحد أوجه الانحراف عن الدين، متسائلا عن سبب فقدان مظاهر التدين وتبدل المفاهيم مما أدى لفقدان الهوية الدينية.
وأجاب موجها خطابه إلى الآباء من الحضور أن مراعاة فروقات الزمن بين الأجيال عامل مهم ومؤثر، يستدعي النظر في طريقة عرض الدين والتدين، وضرورة محاكاة فكر الأجيال الناشئة بهذا الوقت.
وأكد على اتخاذ الحوار والإقناع أسلوبا في عرض الدين، مما يرفع من مستوى ثقافة المجتمع وأفراده، لتهيئة جيل مثقف واع، ما يستدعي أن يكون الوالدان مثقفين، وعلى إلمام ببعض الأحكام وعللها، وسبب حرمتها أوشرعيتها أو وجوبها، ممثلاً لذلك بقضية الحجاب الشرعي الزيبني.
كما لفت إلى أن الدعاة للدين من رجال العلم وغيرهم يحملون على عاتقهم ذات المسؤولية في توجيه خطابهم الديني، بما يتناسب مع كل جالية وفئة لجذب أفراد المجتمع الإسلامي.
وشدد سماحته على ضرورة تحصين الفرد معتقداته، معتبراً إياه المسؤول عن هشاشتها، أو قوتها أمام الهجمات الشرسة التي تدفع به للانحراف عن الدين.
ونبه الشيخ السمين في الليلة التالية من بث الرسائل الخاطئة حول المذهب، في ظل اختلافات المعتقدات والمذاهب.
منوهاً إلى أن مسؤولية العوام لا تقل أهمية عن مسؤولية الخطباء ورجال الدين، في إشاعة ثقافة التعايش الاجتماعي، وإظهار المذهب بصورة ناصعة، وهذا يتطلب حسن التقدير والفهم للظرف الزماني والمكاني.
ولفت السمين إلى أن بعض السلوكيات التي قد تشوه صورة المذهب، يمكن أن تنشأ من سوء تقدير للمكان المناسب لممارستها، ممثلاً على ذلك بالجهر بأدعية التوسل بالأئمة في الحرم المكي والنبوي، التي يجهل كنهها العوام المعبئة أذهانهم ضد التشيع.
بينما أوصى بـ إحياء تراث الأئمة في المواضع الصحيحة، واجتلاب قلوب الناس بأدعية آل محمد التي تزخر بعذب الكلام وسحر البيان، ممثلاً على ذلك بأدعية ومناجاة الإمام زين العابدين بالصحيفة السجادية، ومناسبتها لحال الطواف ببيت الله الحرام.
وحول أحد الأمراض المجتمعية التي تفتك بالمجتمع، استنكر سماحة السمين في رابع ليالي محرم الحرام تسابق بعض أفراد المجتمع لـ نشر الشائعات بهدف أن يكون لهم السبق في إشاعة أي خبر بحثاً عن التميز. غير مكترثين بالتحقق من صحته ولا مبالين بالتبعات المترتبة عليه.
وطرح تساؤلا محوريا عن مدى تأثير آفة (الشائعات)، في رقي فكر المجتمع وتحضره، في بحثه المعنون بـ (الشائعات سموم اجتماعية).
وأضاف قائلاً: “إن للشائعات تأثير يضرب في عمق المجتمع وهو الفكر، حيث ينتج عن تفشي هذا المرض حالة عبر عنها الشيخ بـ (الإرباك الفكري)، بتهميش أساس الحدث والخبر والتركيز على الهوامش، مما يشغل الناس بتوافه الأمور، وإبعادهم عن التركيز عن ما فيه صلاح لهم.
واستدل السمين على هذه الحالة بعلم الأخلاق الذي يضع الخرافة والشائعة في طريق واحد، يؤدي للرجعية والجهل قائلا: “متى ما انتشرت الخرافة في مجتمع دل ذلك على جهله، كذلك تفشي الشائعات خلال ثواني معدودة ينم عن افتقار افراد المجتمع للوعي”.
وحذر من الشائعات(الفتنوية)، التي من شأنها تأجيج بعض المشاكل الأسرية، من خلال التدخل الخارجي وإشاعة خصوصيات الغير، وعبر استقراء استند عليه الشيخ مفاده أن غالبية المشاكل الزوجية والأسرية تنشأ خارج المنزل.
وتحدث الشيخ عن نوع من الشائعات دعاها بـ (الشائعة الزاحفة) حيث تأتي الإنسان من حيث لا يشعر، وقال: “غالباً يستخدم هذا الصنف من الشائعات من قبل أعداء النجاح، للحط من قدر الناجحين بخلق جو عام من الأقاويل حوله”.
ومن واقع الحياة اليومية تطرق في حديثه إلى الشائعات (التخيلية)، التي تبث القلق والتشاؤم في أوساط المجتمعات، ومثل على ذلك ببعض مجموعات الواتس آب، التي تمرض قلب ونفسية وفكر الأفراد، عبر الشائعات والانطباعات السوداوية التي تثيرها حول الأوضاع المستجدة اجتماعياً واقتصادياً.
ختاماً طرح الشيخ السمين عدة حلول للحد من اتساع هذه الأفة منها: (التحقق من صحة الخبر ومصدره، قياس مدى خصوصية الخبر قبل إشاعته، رفع مستوى العلم والمعرفة بالمجتمع، وتحلي الفرد بعقلية منطقية موزونة نافذة وذلك من باب الأمانة العلمية في نقل الأخبار والأحداث).
جدير بالذكر أن الشيخ محمد السمين يطرح سنوياً ضمن قوائم محاضراته العاشورائية عناوين تتلمس حاجة المجتمع بشتى أطيافه.
للاستماع محاضرة الليلة الثانية
للاستماع لمحاضرة الليلة الثالثة
للاستماع لمحاضرة الليلة الرابعة