ما هي أفضل طريقة لتعليم الأطفال لغة ثانية؟
ترجمة: عدنان أحمد الحاجي
ما هي أفضل طريقة لتعليم الأطفال لغة ثانية؟ بحث جديد يعطي نتائج مدهشة
غالبًا مايفترض الناس أن الأطفال يتعلمون لغات جديدة بسهولة ودون أي جهد، بغض النظر عن الحالة التي يجدون أنفسهم فيها. لكن هل فعلاً يمتص الأطفال اللغة كالإسفنج؟
أظهرت الأبحاث أن الأطفال لديهم القدرة على تعلم أي لغة جديدة بنجاح لو تعرضوا الى فترة طويلة من الزمن، كما هو الحال في حالة الأطفال المهاجرين المحاطين باللغة الجديدة طوال اليوم، وكل يوم. في مثل هذا السيناريو يصبح الأطفال متضلعين في اللغة الجديدة على المدى الطويل أكثر من البالغين.
ولكن لو كان مقدار اللغة التي يتعرض لها الأطفال محدوداً، كما هو الحال في تعلم اللغة في الصفوف الدراسية، سيكون الأطفال بطيئين في التعلم وأقل نجاحًا بشكل عام من المراهقين أو البالغين. كيف يمكن أن نفسر هذا التباين الواضح؟
لقد وجد الباحثون أن الأطفال يتعلمون ضمنيًا، أي بدون تفكير واعٍ أو تأمل أو جهد.
والتعلم الضمني يتطلب قدراً كبيراً من مدخلات اللغة (المدخلات تعني تعرض المتعلمين الى اللغة الأصلية المستعملة من مصادر كالمعلمين والمتعلمين الآخرين والبيئة المحيطة بالمتعلمين)، مثل على مدى فترة طويلة من الزمن.
مع تقدمنا في العمر نقوم بتطوير القدرة على التعلم بشكل صريح – أي بقصد وإرادة وذلك، من جهة تحليلية وبجهد مقصود.
بعبارة أخرى يقارب البالغون مهمة التعلم كما يقاربها الباحثون العلميون. وهذا ما يفسر نجاح طلاب الصفوف الأكثر نضجاً (بلوغاً)، في تحقيق نجاح أكبر: يمكنهم الاعتماد على عمليات تعلم أكثر تطوراً وفعالية وكفاءة والتي تتطلب المزيد من الجهد أيضاً.
ما هي الطريقة الأفضل؟
عندما يتعلق الأمر بتعلم اللغة، فهي ليست مسألة تعلم ضمني أو صريح. اذ يمكن أن يحدثا معاً، لذلك في كثير من الأحيان هي مسألة كم مقدار ما يُستخدم من كل مقاربة (من الضمني والصريح).
في دراستنا الجديدة سألنا عما إذا كان الأطفال الأصغر سناً الذين يُعتقد أنهم يتعلمون ضمنيًا قد طوروا بالفعل بعض القدرة على التعلم الصريح أيضًا. علاوة على ذلك، درسنا ما إذا كانت القدرة على تحليل اللغة (أن يعرف للشخص ما هو المقصود من الكلام)، يمكن أن تتنبأ بنجاح تعلم اللغة الأجنبية في الصف الدراسي.
لقد عملنا مع أكثر من ١٠٠ طفل في السنة الرابعة، تتراوح أعمارهم بين ٨ و ٩ سنوات، في خمس مدارس ابتدائية في إنجلترا.
لقد أُخذ الأطفال عددًا من الاختبارات، بما في ذلك مقياس قدرتهم على تعلم اللغة والذي يقيًم قدرتهم على تحليل اللغة (القدرة اللغوية التحليلية)، وحفظ المواد اللغوية (قدرة الذاكرة) والتعامل مع أصوات اللغة (الوعي الصوتي)
على مدى سنة دراسية، شارك الأطفال في صفوف اللغة لمدة ٧٥ دقيقة في الأسبوع. لهذا الغرض تم تقسيمهم إلى أربع مجموعات.
في النصف الأول من العام الدراسي، تم تدريس كل مجموعة على التوالي؛ الألمانية أو الإيطالية أو الإسبرانتو (لغة اصطناعية سهلة الإستعمال) أو الإسبرانتو مع “طريقة التركيز على شكل القواعد النحوية”. تضمنت هذه الطريقة قيام المعلم بلفت انتباه الأطفال إلى أنماط منتظمة في اللغة، ويسألهم بالتفكير عما قد تعنيه أجزاء معينة من الكلمات أو كيف توضع الجمل معاً في اللغة، على سبيل المثال. وبعبارة أخرى ُشجع الأطفال على استخدام قدراتهم اللغوية المعربة Analytic language (اللغة التي تستخدم كلمات مساعدة كحروف الجر في الجمل للوصل والترتيب بين الكلمات)، واتخاذ مقاربة صريحة.
في المجموعات الأخرى تم تدريس اللغة بطريقة تستخدم عادة في المدارس الابتدائية، أي بشكل كلي مع الألعاب والأغاني وأوراق العمل. من المحتمل أن تؤدي هذه الطريقة إلى التعلم الضمني.
في النصف الثاني من العام الدراسي، تعرضت جميع المجموعات الى نفس النوع من صف اللغة؛لقد تعلموا جميعًا اللغة الفرنسية، حيث تم تدريسها بطريقة تركز على الشكل، بالنسبة لدراستنا، قمنا بتقييم تقدم الأطفال في اللغة الفرنسية خلال النصف الثاني من العام الدراسي، ثم بحثنا فيما إذا كانت أي من مكونات قدراتهم – القدرة اللغوية المعربة، والقدرة على الذاكرة ، والوعي الصوتي – تتنبأ بنجاحهم في تعلم اللغة الفرنسية.
إذا تعلم الأطفال ضمنياً، فإننا نتوقع أن تكون قدرة الذاكرة هي الأكثر أهمية. وبعبارة أخرى فإن القدرة على التقاط المواد اللغوية كما تسمع وترى هي أكثر أهمية. إذا تعلم الأطفال قبل كل شيء بشكل صريح ، فإننا نتوقع أن تكون القدرة على اللغة المعربة هي أكثر أهمية.
النتيجة وبخلاف ما قد يتوقعه الناس وجدنا أن قدرة اللغة المعربة لدى الأطفال كانت الأكثر أهمية، يليها الوعي الصوتي.
ساهمت هاتان القدرتان في التنبؤ بإنجاز الأطفال في اللغة الفرنسية، بينما كانت قدرة الذاكرة ذات علاقة هامشية فقط. يشير هذا إلى أن الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم ثماني سنوات أو تسع سنوات يمكنهم بالفعل التعلم بشكل صريح إلى حد ما، إذا كانت طريقة التدريس التي يتعرضون لها تشجعهم على الانخراط في اللغة المعربة المراد تعلمها.
تتوافق نتائجنا مع دراسة سابقة قارنت بشكل مباشر الأطفال والكبار الذين تعرضوا لطرق تدريس مختلفة. ووجد الباحث هنا أيضًا أن استخدام المتعلمين لمقاربة صريحة في الصف الدراسي بلغة أجنبية لا يعتمد بشكل حصري على العمر ، ولكن على كيف يتعلم المتعلمون. هذا يعني أنه حتى الأطفال الصغار يمكنهم مقاربة المهمة التعليمية كما يقاربها الباحثون العلميون.
بالطبع من المهم الإشارة إلى أن الأطفال في سن المدرسة الابتدائية ما زالوا يطورون قدراتهم على التعلم بشكل صريح. لذلك ، لا يمكننا أن نتوقع تعليمهم اللغات بنفس الطريقة التي نعلم بها المراهقون أو البالغون. ولكن يمكن تقديم بعض الأنشطة التي تشجع الأطفال على التأمل في المواد اللغوية المراد تعلمها وتحليلها لتحقيق أفضل استفادة من وقت الدراسة المحدود المتاح لتدريس اللغة الأجنبية.
تعليق من المترجم:
ورد في البحث مصطلحان: التعلم الضمني والتعلم الصريح؛ التعلم الضمني: هو تعلم معلومات معقدة بطريقة عرضية (بلا قصد) ولا يتطلب أي تفكير واعٍ أو تأمل أو جهد ودون إدراك المتعلم. أما التعلم الصريح يأتي عن قصد وإرادة.