عندكم فرن ؟
يحيى الجاسم
( إن تغدينا ما تعشينا ، و إن تعشينا ما تغدينا )، هكذا كانت تتحدث أم فاضل عن وضعها المأساوي لأبي باسل.
صعق الرجل من هول الحدث !. بقي مضطرباً لساعات يرق لحالها تارةً و يفكّر في حل مأزقها تارةً أخرى خصوصاً عندما أخبرته : أنها تفترش الأرض بساطاً لتنام عليه، و تحيط بها رائحة الغراء القديم في الغرفة ( البوتيكس).
نزل هذا الخبر كالصاعقة على قلب أبي باسل، فراح يضمّد جراحهم و يلّبي حاجتهم و جاء لهم بالخبز و الرز لتهدأ بطونهم و بالمخدات كي تنام عيونهم ، لكنّ بالاً لم يهدأ له و تذكر القول المأثور : ( صنعة في اليد أمان من الفقر ). فقال لهم : ماذا ينقصكم لتقفوا على أقدامكم ؟. فقالت الأم : بقلبٍ منكسر و دمعةٍ منسكبة و نفسٍ خجلة : أريد فرناً أطبخ به لقمة لعيالي الجائعين و أنقذ به مشروعي و مشروع ابنتي المتعثرين ( بعد أن اهترت أسلاك الموقد الكهربائي القديم ذا العين الواحدة). استنهض أبا باسل قواه و جمع مبلغ الفرن من ذويه و أعطى السيدة الفاضلة فرناً تستعين به على لقمتها ومشروعها .
طارت أم فاضل فرحاً و هلّلت مستبشرة و استنهضت قواها و يداها و بنيها وبناتها و قالت : اليوم يوم الكفاح وغداً موعدكم مع النجاح و الفلاح.
لحظات، ساعات و إذا بإعلان أم فاضل يطرق الأسماع و يسرق الألباب و يلفت الأنظار!
من يشتري الكوكيز و ورق عنب ؟
تمر الأيام و تعود أم فاضل بمشاريعها الثلاثة :
الأم : تلف ورق العنب.
البنت : تعد الكوكيز.
الابن : مندوبا للتوصيل.
و هكذا كانت الصنعة أماناً من الفقر في يدي أم فاضل .
كم أم فاضل تبقت بلا فرن يا سادة ؟!