من أيام الحج
محمد المبارك
ها نحن على أبواب شعيرة إسلامية عظيمة، ها نحن على أبواب حج بيت الله الحرام الذي تاقت أرواحنا وقلوبنا إلى الزيارة والصلاة فيه، لما لذلك من فضل عظيم عند الله تبارك وتعالى، وقد قال جل من قال: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّه )(1).
وقال الحبيب المصطفى (عليه وآله الصلاة والسلام) في خطبة الغدير: (معاشر الناس حجوا البيت بكمال الدين والنفقة، ولا تنصرفوا عن المشاهد إلا بتوبة وإقلاع)(2).
وورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: (من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه).
وعن الإمام الصادق (عليه السلام)قال: (من اتخذ محملًا للحج كان كمن ربط فرسًا في سبيل الله عز وجل )(3).
يتبين من الأحاديث والروايات الشريفة السابقة ما للحج من فضل وشرف عظيم، وقد قلنا في مشاركات سابقة، أني بحمد الله تشرفت بحج بيت الله الحرام عام 1419هـ، وعام 1420هـ أيضًا، وكدت أن أحج للمرة الثالثة على التوالي أي عام 1421هـ، إلا أن مناسبة اجتماعية أسرية قد حالت دون ذلك ومنعتني من الحج في ذلك العام، وقد اعتمرت ولله الحمد والمنة في العام الذي يليه (1422هـ).
في حج عام 1419هـ -كما ذكرت في مشاركات سابقة- كنت مع مجموعة من الشباب (شباب الهداية، وهم فرقة للإنشاد وإحياء مناسبات أهل البيت(ع)) وكانت حجة رائعة بكل ما للكلمة من معنى وذكرت شيئًا من الأحداث الجميلة في تلك الحجة.
أما حجة عام 1420هـ، فقد كانت بصحبة (أم العيال) وكانت مع مجموعة وحملة تختلف عن الأولى، من حيث الطاقم والكادر والخدمات والتحركات في المشاعر وفي أغلب الأمور فبحكم أن الحجة الأولى مع شباب كانت حرية التنقل أكثر وأسرع بعكس الثانية حيث الالتزام بالنساء.
وفي المرة الأولى كانت أكثر فسحة فقد كانت هناك مسابقات وإلقاء أناشيد ومتعة مع الأصدقاء، مما زاد الجو والمكان متعة وزيادة في ترسيخ هذه الذكرى العطرة.
فمثل هذه الذكرى تبقى عالقة في الذهن ونرجع بالذكريات من جديد للحجة الثانية بحكم أنني تحدّثت عن الحجة الأولى في مقالات سابقة كما أسلفت، فمن الذكريات في الحجة الثانية تعلّم الوضوء والقراءة ولاسيما قراءة سورة الفاتحة، وكيف يرافق ذلك بعض المواقف المضحكة والطريفة والبعض الآخر من المواقف المؤسفة عندما ترى البعض قد تقدم به العمر وهو لايجيد ولا يحسن القراءة والوضوء.
وما يتبع ذلك من أعمال في داخل الحرم الشريف من طواف وتقصير، وما يتخلل ذلك من تعب ومشقة في السير والمسير بين المشاعر المختلفة وكيف ترى نفسك وشكلك بعد التقصير، ولا سيما إذا كان ذلك للمرة الأولى بالنسبة لك.
تظل مثل هذه الذكريات قريبة من القلب لما تحمله من روحانية وقرب من المولى الكريم سبحانه.
نسأل الله سبحانه أن يعيد علينا هذا الفرض العظيم أعوامًا وأعوامًا وأن يوفقنا والمؤمنين والمؤمنات لأدائه مرارًا وتكرارًا أنه سميع مجيب.
(1)- سورة البقرة : آية 196
(2) – الطبرسي النوري ، ميرزا حسين – مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل ، ج 10 ، ص 174 – ت \ مؤسسة آل البيت لإحياء التراث ، ط\ 3 – 1411هـ \ 1991م – مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث – بيروت \ لبنان.
(3) – الكليني ، شيخ الإسلام محمد بن يعقوب – فروع الكافي ج4 ص 277. ت\ العلامة الشيخ محمد جواد الفقيه ، ط \ 1 – 1413هـ – 1992م – دار الأضواء – بيروت \ لبنان.