تجربة الفقد.. ألم المشاعر وكسرة النفس
د. أحمد الكويتي
بالأمس فقدت شخصاً عزيزاً. كان أمراً مؤلماً، وتجربة قاسية في نفسي. فوجدت في ذلك كسرة في النفس والقلب، وحزن عميق، وألماً ضاهر. تلك هي تحلل بمثابة حالة نفسية تحدث في العادة نتيجة غياب أو خسارة شيء أو شخص له قيمة عاطفية كبيرة في حياتنا، هناك مراحل شائعة قد يمر بها معظم الأشخاص الذين يعانون الفقد، والتي غالبًا ما تُعرف بـ “مراحل الحزن” حسب نموذج عالمة النفس “إليزابيث كوبلر-روس”، وأهمها الإنكار وهو الشعور بالصدمة وعدم تصديق الفقد، والمحاولة الجادة من الهروب من مواجهة الواقع. وأيضا ينتابك الشعور بالغضب تجاه الموقف أو حتى تجاه الشخص المفقود كالبحث عن “سبب” أو “مسؤول” عن الألم.
هنا تحدث المساومة مع النفس وهي محاولة استعادة السيطرة من خلال التفكير في “لو” و”ماذا لو حدث كذا؟”. نتيجة لذلك تتطور الإصابة بما يسمى الاكتئاب وهو الشعور بالحزن العميق، الوحدة، فقدان الاهتمام بالحياة اليومية، وهو قد يترافق مع انعزال أو فقدان للطاقة. هنا وفي هذا التطور يحدث أحيانا التغير وهو محاولة التقبل كمرحلة مهمة للوصول إلى مرحلة من السلام الداخلي وفهم أن الحياة تستمر، بالرغم من الألم، فهو ليس نسياناً، بل التكيف مع الفقد، فالحزن في طبيعة الحال ليس له جدول زمني محدد. قد يستغرق الأمر أسابيع، أشهر، أو حتى سنوات للتأقلم مع الفقد. المهم هو أن إدراك أن الشفاء عملية مستمرة، وأنه من الطبيعي أن تعود مشاعر الحزن بين الحين والآخر.
التعامل مع فقد شخص عزيز هو عملية طويلة ومعقدة، ولا يمكن تسريعها أو تجنبها. هناك خطوات قد تساعد على تخفيف الألم والتكيف مع الواقع الجديد، فمن الطبيعي أن تشعر بالحزن، الغضب، أو حتى الذنب. لا تحاول كبت المشاعر. هنا أعط لنفسك الوقت والمساحة للتعبير عن مشاعرك، وأن تسهم في الاعتناء بنفسك، الاهتمام الجيد بالنفس يساعد على تعزيز القدرة على مواجهة الألم، كتناول الطعام الصحي، والحصول على قسط كافٍ من النوم، وكذلك ممارسة الرياضة. وأيضا تعزيز التواصل مع الذكرى بطريقة إيجابية كالاحتفاظ بالذكريات الجميلة واستذكار اللحظات السعيدة مع الشخص المفقود. نحن أبناء أمة الإسلام، نجد الإيمان بالله -سبحانه وتعالى- والقضاء والقدر يسهم في الشعور بالراحة وبث الطمأنينة في النفس.
خلاصة القول، الفقد تجربة إنسانية استثنائية صعبة. يتطلب الأمر صبرًا، دعما، الإيمان بالله، والقدرة على تقبل المشاعر، والتعبير عن الألم، وهي التي تأتي مع هذه التجربة كخطوات للشفاء