الشيخ الباشا: التفقّه كالحياة يحتاج إلى تخطيط

مالك هادي – سيهات
“وردت نصوص شرعية كثيرة في فضل التفقه في الدين، وفي فضل العلماء والمتعلمين. وينبغي على المؤمن العاقل أن يتأمّل في تلك النصوص ويعرض نفسه عليها، ليرى أين موقعه من التفقه في الدين. ما المراحل التي طواها في هذا المضمار، وما الخطة التي أعدّها للشهور والسنوات القادمة”.
بهذا استهل سماحة الشيخ مرتضى الباشا إمام مسجد الإمام الحسن المجتبى بسيهات خطبة الجمعة لهذا الأسبوع.
ودعى الشيخ الباشا المؤمنين إلى المقارنة بين درجة الاهتمام بالعلوم الدنيوية، ودرجة الاهتمام بالعلوم الدينية، سواء من قبل الفرد أو الأسرة، وقال: “أنت توقظ الأطفال من الصباح الباكر، ليذهبوا إلى المدرسة، ويبقوا هناك إلى بعد الظهر، ومن ثم يأتي وقت حلّ التمارين والمذاكرة، وربما تقوم بالمذاكرة لهم أو تستعين بمدرس خصوصي، وتصرف المال الكثير في شراء اللوازم المدرسية، وأمثال ذلك من الاستعداد للامتحانات والمنافسة في امتحان القدرات والتحصيلي وغيرها، ولكن ما الجهد الذي بذلته لتعليمهم (الدين)؟
وأضاف سماحته: “كما يهتم الإنسان بالتخطيط لدراسته الأكاديمية، ويهتم لزيادة رصيده المالي، فليكن اهتمامه بجانب (التعلّم والفقه الديني) بنفس المستوى على الأقل. وكما أننا من خلال الشهادة نحصل على درجة أعلى في العمل، ونسعى للترقية، فكذلك عندما نحصل على مستوى أعلى من العلم والإيمان، فإنّ الله تعالى يرفعنا درجات. وتلك الدرجات تبقى بلا نهاية، ولكي نحصل عليها نحن بحاجة إلى علوم رسول الله وأهل البيت عليهم السلام، الذي يحوي علم العقيدة، ومعارف القرآن الكريم، والفقه، والأخلاق الإسلامية، وغيرها”.
ووصف الشيخ الباشا الإعراض عن التفقه في دين الله بـ “الخسارة العظيمة”، حيث يُحرَم الإنسان من نظر الله تعالى إليه يوم القيامة، ويفتقد العناية والرحمة الخاصة، ولا يزكي الله عمله. وقال: “وهذه نتيجة عدم اهتمام الإنسان بدين الله، وعدم تعظيمه. فإذا كان الإنسان مستخفًا بدين الله تعالى، فمن الطبيعي أن يلقى (في المقابل) الاستخفاف من الله سبحانه.
ورغّب سماحته المؤمنين في التفقه في الدين من خلال بعض النصوص التي ذكرت آثار التفقه، ككونه سبب في رفعة مقام العبد، وقربه من الله، وحصوله على الدرجات العالية. وأن المتفقه في الدين يكون محلاً لعناية الله ونظره في يوم القيامة، كما دعى من يرى نفسه معرضة عن هذا الأمر إلى مراجعة نفسه وتغيير ما بها حتى يغير الله مابه.
وحذر الشيخ الباشا من بعض الظواهر التي تناولتها الروايات، والتي تمنع الإنسان من التفقه في دينه، ومن أبرزها اعتزال المؤمنين وعدم مخالطتهم في المساجد والحسينيات والمواكب وفي بيوتهم ومناسباتهم. فقال: “كيف لهؤلاء أن يقال لهم شيعة!”.
وتناول الباشا صنفا آخر من الروايات تحث على التفرغ لأمر الدين في يوم الجمعة من كل أسبوع، بحيث يسأل عن دينه ويتعاهده، وقال: “فإذا كان الإنسان مشغولاً طيلة ستة أيام من الأسبوع، فلا أقل ليعطِ ربّه ودينه يوم الجمعة، بحيث يتفرّغ فيه لشؤون الدين. وإذا كان لا يتلو شيئًا من القرآن الكريم طوال الأسبوع، فلا أقل ليتلو ولو جزءًا واحدًا في يوم الجمعة. إذا كان لا يحضر إلى المسجد طوال الأسبوع، فلا أقل يحافظ على الصلاة في المسجد يوم الجمعة.
وإذا كان لا يستمع إلى محاضرة أو درس أو موعظة طوال الأسبوع، فلا أقل ليفرّغ نفسه لذلك يوم الجمعة، وهكذا”.
وحول الطرق المقترحة للتعلم والتفقه استعرض سماحته عدة طرق من أهمها:
الطريق الأول: حضور الدورات الدينية: وفيها دعى سماحة الشيخ الشباب للمبادرة إلى الدورات التثقيفية، من خلال اجتماع عدد منهم وباختيار معلمين أكفاء. كما أقترح سماحته على مجالس العوائل، إقامة دورات أو دروس مختصرة لأفراد عائلاتهم، وأكد أنه بهذه الخطوة يتحقق عنوان صلة الرحم، والتفقه في الدين.
الطريق الثاني: القراءة.
أبدى الشيخ الباشا أسفه الشديد لضعف الاهتمام بالقراءة في مجتمعاتنا مؤكدا على أنّ القراءة من أهم وسائل التعلّم والثقافة وأنه يمكن الاستفادة من الكتب الورقية، أو الإلكترونية.
الطريق الثالث: حضور مجالس العلماء.
وقال: “الحضور إلى مجلس العالِم له العديد من الفوائد الجليلة والعظيمة، ولا يشترط أن يكون ذلك العالم مرجعًا في التقليد أو عارفًا كبيرًا، بل يكفي الحضور في مجلس من هو أعلم منك بمراحل، لأنه بالنسبة لك يعتبر عالِمًا.
الطريق الرابع: الحرص على استماع الكلمات والمواعظ في المسجد.
وانتقد سماحته ظاهرة مغادرة المسجد بمجرد أن يفرغ إمام الجماعة من التسليم، مما يحرم الإنسان الاستفادة من علم إمام الجماعة.