الملفات السرية

جواد المعراج

عن الإمام علي (عليه السلام): “من كتم سرّه كانت الخيرة بيده”. (في ظلال نهج البلاغة، محمَّد جواد مغنية: 3/516.)
وعن الإمام علي (عليه السلام): “أنجح الأمور ما أحاط به الكتمان”. (ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٢ – الصفحة 1282).

كتمان الأسرار من الصفات التي تفتقر لها فئة من مجتمعاتنا المعاصرة، وإفشاء السر ينقسم إلى قسمين:
الأول: إفشاء سر النفس.
الثاني: إفشاء سر الغير.

1-إفشاء سر النفس:
إن عدم الاستعانة على قضاء الأعمال والمهمات بالكتمان، وذلك من خلال إفشاء السر الخاص بالفرد للناس قد يكون سبب الانهيار النفسي (انعدام الشعور بالراحة)، فالمرء الذي ينشر أسراره يتعرض لاستغلال من قبل فئة من الأشخاص المحيطين به، فمثلاً لو تم معرفة السر الخاص به سيقوم من حوله باستغلال نقاط الضعف النفسية والمواقف والمشاكل، وبالتالي نشرها في المجتمع بهدف ممارسة الضغوطات النفسية على الآخر.
الإنسان بطبيعته يتحدث مع الآخرين ويبني العلاقات الاجتماعية والصداقات، ولكن هناك أمور يجب أن يكون بينها خطوط حمراء (كتم السر).

إضافة لإعطاء الأسرار للأشخاص الذين يستحقون الثقة أو شخص لك معرفة مسبقة به بشكل كبير، وبالتالي فإن بناء الثقة بالعلاقات تعد صعبة فهي تحتاج إلى التواصل والتفاهم بين فترة وأخرى حتى تصبح متماسكة، ليشعر الطرفان بالطمأنينة والراحة.
مشاركة السر مع أشخاص معينين يساعد على تلقي الدعم العاطفي والمساعدة وغيرها من أمور أخرى إيجابية، بينما هناك من يجب التعامل معه بوضع الحدود وأسلوب ثقيل، كي لا تتعرض للاستغلال السيء من قبله.

2-إفشاء سر الغير:
إفشاء سر الآخرين حيث ترى كل طرف ينشر العيوب والمواقف الخاصة بالآخر فهذا الأمر له تداعيات خطيرة جداً، حيث يؤدي لإثارة الخلافات التي تخلق الأحقاد النفسية الشديدة وخاصة المشكلات التي يوجد بها نوع من الشهوات، لهذا على الإنسان أن يستر على الغير ليستر الله عليه.

فكم من بيوت أهالي وأصدقاء وأقارب تدمرت العلاقة بينهم بسبب عدم كتمان الأسرار، وكم من مواقف تم نشرها بين البشر بسبب نشر المشكلة التي حصلت بالشارع أو الأماكن العامة أو الديوانيات، فكل هذه الأمور لها تداعيات خطيرة جداً على حالة التماسك الاجتماعي ونفسية الفرد والمجتمع.

مهارة كتم الأسرار:
حتى يكسب أفراد وشباب وأبناء المجتمع مهارة كتم الأسرار يتطلب ذلك التعلم عليها أولاً ثم بعد ذلك كتم الأسرار الشخصية والآخرين، لأنه توجد أمور لا يجب نشرها لأنها تسبب نزاعات متعدد، فهناك ملفات يجب التعامل معها بطريقة سرية.

فعندما يفكر الشخص في إفشاء سر فإنه يجب أن يرى ذلك الأمر غير لائق وأن يدرس النتائج المترتبة التي ستحدث عند انتشار السر، لأن السر إذا خرج من القلب فإنه سيؤدي لقسوته، إضافة للتأثير سلباً على الحالة النفسية بشكل كبير، ونشر الكراهية والبغض بالنفوس البشرية.