الشيخ الصفار: الدين الذي أمرنا بالعبادات أمرنا بالأعمال الدنيوية
قال سماحة الشيخ حسن الصفار: إن الدين في حقيقته ليس مجرد معتقدات وطقوس وشعائر عبادية تؤدى في مكان وزمن محدود، بل هو رؤية ومنهج في الحياة، يعطي لوجود الإنسان معنى وقيمة.
وتابع: ينبغي أن تسود في مجتمع المتدينين ثقافة التشجيع على الاهتمام بالأعمال الدنيوية وأدائها بانتظام وإتقان، إلى جانب الالتزام بالبرامج والشعائر الدينية.
جاء ذلك ضمن خطبة الجمعة 27 جمادى الأولى ١٤٤٦هـ الموافق 29 نوفمبر ٢٠٢٤م في مسجد الرسالة بالقطيف شرقي السعودية بعنوان: الفعل الدنيوي في ميزان الدين
وأوضح سماحته أن هذه الرؤية تجعل الإنسان متصلًا ومنفتحًا على مصدر وجوده، ومدركًا لدوره في هذه الحياة.
وتابع: فتكون كل أعماله وتصرفاته في مختلف الشؤون والمجالات ضمن إطار هذه الرؤية والمنهج، وبذلك يكون عابدًا لله في جميع حركاته وسكناته.
وأضاف: انطلاقًا من هذه الرؤية فإن على المسلم أن يهتمّ بإنجاز كل عمل يخدم الحياة، وينفعه وينفع الناس، وأن يتقن أداء أعماله المرتبطة بشؤون حياته المختلفة، كما يحرص على اتقان أدائه لعباداته.
وأبان أن الناس في مجتمعات المتدينين تصنف الأعمال التي تصدر من الإنسان إلى صنفين: عمل ديني، وعمل دنيوي.
وتابع: يقصدون بالعمل الديني العبادات والشعائر من صلاة وصوم وحج وزكاة وبناء مسجد وحسينية، وما ارتبط بها من البرامج.
وأضاف: أما العمل الدنيوي فهو ما يرتبط بتسيير شؤون حياة الإنسان، من طعام وشراب ومسكن، وكسب للمعيشة، من حرفة أو تجارة أو زراعة وصناعة، وسائر ما يتعلق بأمور الحياة.
وذكر ضمن هذا التصنيف فإن هناك فوارق بين العملين في نظر الناس، كاستحقاق الثواب من الله سبحانه، في العمل الديني دون الدنيوي.
وتابع: ومن الفروقات بين العملين الاهتمام بأداء العمل الديني العبادي واتقانه، حيث يدقق المتدين في انجاز ما يراه عملًا دينيًا كالصلاة، بينما قد يتعاطى في أدائه لمهام الشؤون الحياتية، كقيادة السيارة أو العمل الوظيفي، بشيء من التسيب والإهمال، مالم يكن هناك إلزام خارجي.
وأشار إلى فرق بين العملين وهو الاحترام والتقدير في الوسط الاجتماعي، فطالب العلم الديني له احترام لا يحظى به طالب علم الهندسة، أو الفيزياء، أو الطب. ومن يذهب للحج أو العمرة أو زيارة الأماكن المقدسة، يُحتفى به، بينما من يسافر لمهمة دنيوية كالدراسة أو التجارة ليس متعارفًا الاحتفاء بسفره.
ومضى يقول: لكن إذا تأملنا النصوص الدينية، ووعينا مقاصد الشريعة، نجد أن هذا التفريق والتصنيف بين هذين النوعين من العمل، وما يترتب عليه من تعامل اجتماعي ليس دقيقًا.
ولفت إلى أن الدين الذي أمرنا بالعبادات والشعائر الدينية، أمرنا أيضًا بالمهام والأعمال الدنيوية.
وتابع: والنصوص الدينية تشير إلى أن الإنسان إذا أحسن القصد، واستهدف المنفعة المشروعة، فإنه يستحق المثوبة من الله في أعماله الدنيوية.
وأضاف: كان النبي (ص) يبدي التقدير والاحترام للعامل الكادح، مؤكدًا أن الدين يمجد كل عمل فيه نفع للناس.
واستشهد بما ورد عنه (ص): «أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ».