رئيس مجلس الإدارة (هل هو بنجرجي حقيقة؟)
د عبدالجليل الخليفة
في العام 2008 تشرفت لأول مرة بلقاء الأستاذ محمد الغرير في مصنع الاسمنت بمنطقة القوز بدبي، وذلك عندما كنت متقدما لمنصب الرئيس التنفيذي لشركة دراغون اويل النفطية.
نظر حينها إلى سيرتي الذاتية و رمقني بنظرة ذكية و ابتسامة أخوية، و قال بلهجة مليئة بالتواضع (قرأت سيرتك الجميلة و عرفت عنك الكثير، وإذا كنت تريد معرفة محمد الغرير فهو بنجرجي يشتغل في منطقة القوز) (بنجرجي يعني من يصلح عجلات السيارات).
خالجني الحياء فنظرت إلى الأرض و أنا أهمهم محدثا نفسي (كم خلق الله على هذه الأرض عظماء و لكنهم متواضعون). ضحكت و قلت له استغفر الله.
كانت هذه بداية أخوة وصداقة امتدت عشر سنوات. اكتب عنها الآن بعد أكثر من سنتين من انتهاء عملي معه كرئيس مجلس إدارة الشركة حتى لا يظن البعض أنها مجاملات نفعية.
دعوني أعرف لكم هذا البنجرجي، ابن أسرة و هبها الله الكثير من نعمه و خص صاحبنا بالعظمة والبساطة في آن واحد. فهو ليس بنجرجيا بل خبير في اغلب الصناعات كالاسمنت و البتروكيماويات و الالومنيوم و حتى تربية الدواجن و أخيرا النفط.
إنه موسوعة متحركة تزينها الثقافة و القراءة. أما قلبه فصاف كالزلال يملؤه حب الآخرين و الخوف من الله و الأمانة. غمرني بلطفه فأخلصت له في العمل و رزقنا الله التوفيق و البركة فكان نجاح الشركة بفضل نيته الطيبة و توجيهات مجلس الإدارة و قوة و تفاني الفريق الذي عمل معنا في إدارات الشركة التنفيذية و حتى اصغر موظف و عامل في منصات البترول.
ذكريات جميلة مع محمد الغرير الإنسان و ليس الرئيس حين كنا نودع ضيوفنا إلى باب السيارة.
و أخرى أثناء زيارتنا لمناطق العمل في بحر قزوين بتركمانستان و كان الجو باردا و حيات البحر و الزواحف تملأ الماء البارد قرب الشاطئ، ورغم ذلك أصر على السباحة و تم ما أراد بسلام، و في الرحلة التالية شاركناه في السباحة مع بعض الزملاء.
ذكريات أخرى فيها التحدي للصعاب و الاحتفال بالانجازات. فيها سهر الليالي والعمل المتواصل، و فيها روح المحبة و الأخوة.
كان آخر حديث لي معه قبل عدة أيام، حيث قال مازحا انه بنجرجي فقلت له: (افتح جامعة سمها جامعة القوز للبنجرجية وسأكون أول من يلتحق بها)!!
هنيئا لنا بأمثالك يا ابا سعيد ممن تعالى على الفوارق و العصبيات و توج قلبه بالتواضع وحب الآخرين. فما أجمل أن نقهر التشرذم و العصبية لتجتمع قلوبنا و تشترك أيدينا لإسعاد البشرية.